وحيث ورد ما يدل على اتحادهما؛ كقوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآيةَ. . فهو باعتبار تلازم المفهومين أو ترادفهما، ومن هنا قال كثيرون: إنهما على وِزان الفقير والمسكين، فإذا أفرد أحدهما. . دخل فيه الآخر، ودلَّ بانفراده على ما يدل عليه الآخر بانفراده، وإن قرن بينهما. . تغايرا (?)؛ كما في خبر أحمد: "الإسلام علانية، والإيمان في القلب" (?).

وحيث فسَّرنا الإيمان بالأعمال. . فهو باعتبار إطلاقه على متعلقاته؛ لما مر أنه تصديقٌ بأمورٍ مخصوصة.

ومنه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} اتفقوا على أن المراد به هنا: الصلاة.

ومنه: حديث وفد عبد القيس: "هل تدرون ما الإيمان؟ " قالوا: لا، قال: "شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا خُمُسًا من المغنم" (?)، ففسَّر فيه الإيمان بما فسَّر به الإسلام في حديث جبريل الذي نحن فيه، فاستفيد منهما إطلاق الإيمان والإسلام على الأعمال شرعًا باعتبار أنها متعلق مفهوميهما المتلازمين، وهما التصديق والانقياد.

فتأمل ذلك حق التأمل؛ ليندفع به عنك ما أطال به الشُّراح هنا مما لا طائل تحت أكثره، ومنه: دعوى الاضطراب في حديث وفد عبد القيس؛ ومعارضته لحديث جبريل، وبينوا ذلك بوجوهٍ لا حاجة إليها بعد ما قررناه.

ثم رأيت بعضهم وافق ما ذكرته فقال: قد يتوسع فيطلق الإيمان على الإسلام كما في حديث وفد عبد القيس؛ لأنه يكون عنه غالبًا وهو مظهره، وقد صح: "الإيمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015