بضع وسبعون شعبة، أدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأعلاها شهادة أن لا إله إلا اللَّه" (?)، وهذا أولى من دعوى اضطراب متنه من جهة أنه أمرهم بأربع ولم يأمرهم إلا بالإيمان وحده، وفسره بخمس.
ويطلق الإسلام على مسمى الإسلام والإيمان؛ ومنه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}، وخبر أحمد: أي الإسلام أفضل؟ قال: "الإيمان" (?)، وخبر ابن ماجه: ما الإسلام؟ قال: "تشهد أن لا إله إلا اللَّه، وتشهد أني رسول اللَّه، وتؤمن بالأقدار كلها، خيرها وشرها، حلوها ومرها" (?).
وقد أُطلق الإيمان كذلك أيضًا كما روي: "الإيمان اعتقاد بالقلب، وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالأركان" (?) وهذه الإطلاقات الثلاثة تجَوُّزٌ وتوسُّع، وبها ينزاح كثيرٌ من الإشكال الناشئ عن ذلك الاستعمال.
ومنه -أعني: ما أطالوا به- أن الجواب بقوله: "أن تؤمن باللَّه. . . إلخ" فيه تعريف الشيء بنفسه، ثم ردوه بأن الإيمان لغة: مطلق التصديق، وشرعًا: تصديقٌ بأمورٍ مخصوصةٍ، فكأنه قال: الإيمان شرعًا: هو التصديق لغةً وزيادة، وهي: التصديق بتلك الأمور الخاصة.
ومنه: أن مسماهما لغةً غيره شرعًا، ففيه إثبات الحقائق الشرعية (?)، وهو الراجح، على أن الخلاف هنا لا طائل تحته؛ لاتفاقهم على أنه يستفاد من الأسماء الشرعية زيادة على أصل الوضع، وأما كون تلك الزيادة هل صيرتها موضوعًا شرعًا أو لا وإنما هي صفات على وضعها اللغوي (?)، والشارع إنما تصرَّف في شروطها وأحكامها. . فالأمر فيه قريبٌ وإن كان الراجح الأول؛ لتصرُّف الشارع فيها بالتخصيص كالإسلام والإيمان؛ لأنهما يعمان لغةً: كل انقيادٍ وتصديقٍ، لكن الشارع