(وقال: يا محمد) قد يستشكل بحرمة ندائه صلى اللَّه عليه وسلم به؛ لقوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} مع أن المقام مقام تعليم، ويجاب بأنا لا نسلم حرمة ذلك على الملائكة، فكان في ندائه بذلك -مع ما سيعلم به الصحابة رضي اللَّه عنهم من أنه جبريل- إعلامٌ لهم بأن الملائكة لا يدخلون في هذا الخطاب، على أنه يحتمل أن حرمة ذلك إنما عرضت بعد، فلا إشكال أصلًا.

ثم رأيت بعضهم أجاب بأنه قصد مزيد التعمية عليهم، فناداه بما كان يناديه به أجلاف الأعراب.

وفيه أيضًا: جواز نداء العالم والكبير باسمه ولو من المتعلم، ومحله: إن لم يعلم كراهته لذلك، ولا كان على سبيل الوضع من قدره؛ لمخالفته ما اعتيد من النداء لأولئك بالألقاب المعظمة.

(أخبرني عن الإسلام) في رواية الترمذي تقديم الإيمان كما في رواية "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه (?)، قيل: وهي أَولى؛ لموافقتها القرآن في نحو: {لَيْسَ الْبِرَّ} الآيةَ، {إِنَّمَا ألمؤْمُنون} الآيتينِ أول (الأنفال) ولعل الأُولى روايةٌ بالمعنى. اهـ (?)

وفي رواية أبي هريرة: (ما الإسلام) هنا، و (ما الإيمان) فيما يأتي، وهي تدل على أنه إنما سأل عن شرح ماهيتهما، لا عن شرح لفظهما لغةً، وإلَّا. . لم يُجِب بما يأتي، ولا عن حكمهما؛ لأن (ما) في أصلها إنما يسأل بها عن الحقائق والماهيات.

ولما كان الإيمان لغة معلومًا عندهما (?). . أعاد لفظه في الجواب ببيان متعلقاته، وقصره عليها توسعًا كما يأتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015