يديه دون جانبه، وهي جِلْسة المتعلِّم، لكنه بالغ في القُرْب حتى وضع كفَّيه على ما يأتي جريًا على ما بينهما قبلُ من مزيد الودِّ والأُنس حين يلقي عليه الوحي؛ تنبيهًا على أنه ينبغي للسائل قوة النفس، وعدم فعل ما يَمنع عنه كمالَ التلقي من نحو الالتهاء عمَّا هو بصدده (?)، وللمسؤول ألَّا يعاتبه حينئذ وإن لم يسلك الأدب ظاهرًا.

(ووضع كفيه على فخذيه) أي: فخذي النبي صلى اللَّه عليه وسلم كما صرحتْ به روايةُ النسائي، وفيها: أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان يجلس مع أصحابه، فلا يعرفه الغريب، فبُنيتْ له مصطبة من طين (?)، فجاءه جبريل وهو عليها فقال: السلام عليكم يا محمد، فردَّ عليه السلام، فقال: أدنو يا محمد؟ قال: "ادنه" فما زال يقول: (أدنو) مرارًا، ويقول له: "ادن" حتى وضع يديه على ركبتي النبي صلى اللَّه عليه وسلم (?)، ففيه سنة الابتداء بالسلام، وتعميم الحاضرين به، ثم تخصيص رأس القوم.

قلت: يحتمل أنه أراد بـ (عليكم) النبي صلى اللَّه عليه وسلم وحده؛ بدليل: يا محمد، ففيه ندب السلام على الواحد بصيغة الجمع (?)، وبه صرح أصحابنا نظرًا لمن معه من الملائكة، واستئذان الكبير في القرب منه وإن جلس للناس (?)، وتكريره تعظيمًا له واحترامًا، وجوازُ تخصيص المعلم بمحلٍّ من المسجد مرتفع؛ لضرورة التعليم أو غيره.

قلت: وجواز بناء مصطبةٍ في المسجد بهذا القصد، وهو متجهٌ إن لم يحصل بها تضييقٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015