طعن فيه- أنه صلى اللَّه عليه وسلم سمع رجلًا يلبِّي بالحج عن رجلٍ فقال له: "أحججت عن نفسك؟ " قال: لا، قال: "هذه عن نفسك، ثم حجَّ عن الرجل" (?)، ووجه فهم ذلك من هذه الجملة الثانية: أن أصل النية فيما يلتبس عُلِم من الجملة الأولى، ومنع الاستنابة في النية علم من الجملة الثانية.
نعم؛ يستثنى منه نية الوكيل في تفرقة الزكاة إذا فُوضت إليه؛ لأنها حينئذٍ تابعة، ومن ثَمَّ لو استناب غيره في نية الزكاة وحدها. . لم يصح كما هو ظاهر، وإنما اعتبرت نية الولي عن الصبي للنسك، والحاج عن غيره، ومغسل نحو المجنونة؛ لعدم تأهُّل المنوي عنهم لها، فأُقيمت نيةُ الناوي عنهم مقام نيتهم.
وأوقع بعض العلماء الطلاق والنذر بالنية المجردة عملًا بعموم الحديث، وأباه الأكثرون؛ لأنهما من وظائف اللسان لغةً وشرعًا، فلا تؤثر فيهما النية المجردة.
وقيل: مفاد الأُولى أن صلاح العمل وفساده بحسب النية الموجدة له، ومفاد الثانية أن جزاء العامل بحسب نيته من خيرٍ أو شرٍّ، وهاتان كلمتان جامعتان وقاعدتان كليتان لا يشدُّ عنهما شيء.
قيل: ويؤخذ منهما بطلان حِيَل نحو الربا؛ لأنه المنوي دون البيع، ويردُّ: بأنا وإن سلمنا أنه المنوي وحده فلا تؤثر فيه؛ لأن نيته إنما هي عند المواطأة، وهي سابقة لعقد البيع، فلا تؤثر فيه؛ لأن نيته إنما تؤثر إن اقترنت بالفعل؛ إذ ذاك هو حقيقتها كما مر.
على أن لنا أدلةً ظاهرةً على جواز الحيل (?)؛ منها: حديث خيبر المشهور؛