وهو: "بع الجَمْع -أي: الجيد (?) - بالدراهم، ثم اشترِ بها جنيبًا" (?) وهو الرديء (?)، وإنما أمرهم بذلك؛ لأنهم كانوا يبيعون الصاعين من هذا بالصاع من ذلك، فعلَّمهم صلى اللَّه عليه وسلم الحيلة المانعة من الربا.

ومن ثَمَّ أخذ السبكي منه عدم كراهة هذه الحيلة، فضلًا عن حرمتها؛ لأن القصد هنا بالذات تحصيل أحد النوعين دون الزيادة، فإن قصدها. . كرهت الحيلة الموصلة إليها، ولم يحرم؛ لأنه توصُّل بغير طريقٍ محرمٍ، فعلم أن كل ما قصد التوصل إليه من حيث ذاتُهُ لا من حيث كونُهُ حرامًا. . جاز بلا كراهة، وإلَّا. . كره، إلا أن يحرم طريقه فيحرم؛ كتعدي اليهود في السبت، فإن القصد منعهم من الاستيلاء على الصيد فيه، ودخولُه في حفرهم التي هيؤوها له قبل يوم السبت استيلاءٌ منهم عليه فيه، فلم تفدهم الحيلة شيئًا.

وقول ابن حزم: (كلُّ عقدٍ حيلةٌ إلى محرم) ليس في محلِّه؛ لأن الوطء المتوصل إليه بالنكاح ليس محرمًا، إنما المحرم الزنا، فالأعم إذا شَمَل صورةً مباحةً وصورةً محرمةً. . لا يوصف بالتحريم، ولا التوصلُ إليه بالطريق الشرعي تحيُّلٌ على التحريم (?).

ثم لمّا كان في تينك الجملتين نوع إجمال. . ذكر صلى اللَّه عليه وسلم عقبهما مفرعًا عليهما تفصيل بعض ما تضمنتاه زيادةً للإيضاح، ونصًا على صورة السبب الباعث على هذا الحديث، وهي على ما روي -وإن قال بعض المحدثين: لم نر له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015