لا شاهد في الحديث؛ لقول إِلْكِيَا من أصحابنا (?): (من حفظ أربعين مسألة. . فهو فقيه) (?) لأن الوعد السابق يحصل بحفظ أربعين حديثًا ولو في مسألةٍ واحدةٍ، ومع ذلك يحشر في زمرة الفقهاء؛ لما مر: أن الحشر في زمرتهم لا يستدعي إلا أن يكون بينه وبينهم نوع نسبةٍ دون حقيقة المساواة، ونظَّر فيه الرافعي أيضًا (?): بأن حفظ الشيء غير حفظه على الغير.
قيل: وجه إيثار هذا العدد بذلك: ما أشار إليه بشر الحافي رحمه اللَّه تعالى بقوله: (يا أهل الحديث؛ اعملوا من كل أربعين حديثًا بحديث) (?)؛ كما قال صلى اللَّه عليه وسلم: "أدُّوا ربع عشر أموالكم؛ من كل أربعين درهمًا درهم" (?) أي: بشرط بلوغ دراهمه مئتي درهم؛ إذ لا وجوب في أقلَّ منها، فهي -أعني: الأربعين- أقل عددٍ له ربع عشرٍ صحيح، فكما دلَّ حديث الزكاة على تطهير ربع العشر للباقي. . كذلك العمل بربع عشر الأربعين يخرج باقيها عن أن يكون غير معمولٍ بها، فخُصَّت بالذِّكر إشارةً لذلك.