دواوين أولئك كنقل المصنف هذه الأربعين منها. . كان في دخول فاعله في ذلك الوعد نظر؛ إذ لم يحفظه هو على الأمة، وإنما حافِظُه صاحب الكتاب المدون المفروغ منه الذي تعب في تخريجه وإسناده، وعلى تسليم دخوله فليس كدخول المُسنِد المجتهد، وإنما له أجر إفراد الحديث من ذلك الديوان، وتقريب تناوله على من أراده، لا أجر إسنادٍ واجتهادٍ.

وحاصله: أنه إن لم يحفظ الحفظ التام. . فلا يدخل في الوعد الدخولَ التام، هذا مقتضى النظر، وخبر: "ثوابك على قدر نَصَبك" (?)، وقد يتفضَّل اللَّه تعالى عليه بالأجر التام وإن لم يحفظ الحفظ التام؛ لخبر مسلم: "من سأل اللَّه عز وجل الشهادة خالصًا من قلبه. . بلَّغه اللَّه سبحانه وتعالى منازل الشهداء وإن مات على فراشه" (?) كذا قاله بعض الشارحين.

ويردُّ تنظيرُه (?): بأن الذي في الحديث ترتيب الوعد بحشره مع من ذكر على مجرد الحفظ المراد به النقل كما مر، وأما التخريج والإسناد. . فلا دخل لهما في ترتيب الوعد بوجه، وحينئذٍ فالمصنف ونحو البخاري يدخلون في هذا الوعد على حدٍّ سواء، لا تفاوت بينهم فيه؛ لاستوائهما في شرطه، وهو مجرد النقل، وأما تمييز نحو البخاري بالتخريج والإسناد. . فذاك له ثوابٌ آخر يتميز به، ولا كلام لنا فيه، فاندفع ما نظر به ذلك الشارح وجميع ما فرَّعه عليه، فتأمله.

تَنبيهَان

أحدهما [عدم التفرقة فيمن حفظ أربعين صحيحة وحسنة، وضعيفة في الفضائل]

لا فرق بين حفظ أربعين صحيحةً وحسنةً، وكذا ضعيفة في الفضائل؛ للعمل بها فيها لا في الحلال والحرام؛ لامتناع العمل بها فيهما، فلم يحفظ على الأمة ما ينفعهم، بل ما يضرُّهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015