حِفظ ما لم يُنقل إليهم، قاله المصنف رحمه اللَّه تعالى (?).
(على أمتي أربعين حديثًا من) تبعيضية (أمر) شأن (دينها. . بعثه اللَّه تعالى يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء) واعترض تفسيره الحفظَ بما ذكر بأن البعث في زمرة الفقهاء والعلماء يستدعي حفظ المعاني؛ إذ لا يُسمَّى فقيهًا عالمًا إلا به.
وقد يُجاب بأن بَعْث الحافظ في زمرتهم لا يستدعي أنه مساوٍ لهم، بل يكفي أنه منسوبٌ إليهم نسبةً ما، ألا ترى أن المرء يحشر مع من أحب وإن لم يعمل بعملهم (?)، ولا شك أن الناقل المذكور منسوبٌ إليهم كذلك فحشر معهم.
ولا يعترض عليه أيضًا بتفسير البخاري (أحصاها) في حديث: "إن للَّه تسعةً وتسعين اسمًا، من أحصاها. . دخل الجنة" بمن حفظها مستظهرًا (?)؛ لأن المدار ثَمَّ على التبرُّك بذكرها، والتعبُّد بلفظها، ولا يتمُّ ذلك إلا بحفظها عن ظهر قلب، والمدار هنا على نفع المسلمين، وهو لا يحصل إلا بالنقل، بخلاف مجرد الحفظ من غير نقلٍ؛ فإنه لا نفع لهم به، فلم يشمله الحديث؛ إذ المقرر: أنه يجوز أن يستنبط من النص معنًى يخصصه، على أن أصل الحفظ: ضبط الشيء ومنعه من الضياع.
فمن حفظ الأربعين في كتابه، ثم نقلها إليهم. . دخل في ذلك الوعد وإن لم يحفظها عن ظهر قلب، ومن حفظها بقلبه ولم ينقلها. . لم يشمله الوعد، قيل: وإن كتبها في عشرين كتابًا، وفيه نظر؛ لأن كتابتها نقلٌ لها.
ثم نقلها إن كان بطريق استخراجها وتدوينها كما فعل البخاري ومسلم ومن شابههما. . كان مقتضيًا لدخول فاعله في ذلك الوعد السابق بلا توقف، وإن كان بأخذها من