وفي عصر هذا اليوم، وصل علاء الدين ابن صاحب الموصل إلى الخروبة ونزل بها، ليصل بكرة إلى المعسكر بالعساكر في أحسن أهبها. فركب السلطان إليه ولقيه وعاد، وكمل لكرامته وضيافته الاستعداد. وأصبح الاستعداد. وأصبح يوم الخميس في خميسه، سائرا بآساده في عريسه، مقبلا بكل فارس من جيشه فارس من خيسه، في غلب كأنهم أجادل والجياد مراقبها، وخيل كأنها الظلماء ولترائك كواكبها. ونقع كأنه الآتي والمقربات قواربه، ومجر تصادم مناكب الآكام مناطبه، وتملأ الوهاد طوالعه وغواربه. عاريات غروبه، عاليات غواربه. ثقال مذاكيه بأعباء عواليه، كأنما نهضت لإذكاء نار الهياح حواطبه. وعبرت علينا كتائبه، وأعربت عن مناقبه مقانبه.

وتلقاه من أولاد السلطان الملك المعز فتح الدين إسحاق وهو من جملتهم البحر بل الغيداق. والملك المؤيد نجم الدين مسعود وهو كاسمه مسعود مجدود. وتلقاه الأمراء والعظماء، والخواص والأولياء. وساق على تعبيته، وإجابته دعوة الإسلام وتلبيته، إلى جانب البحر، ليرتب أهل الكفر. وعرض وتعرض، وعلم العدو بأنه إليه نهض واستنهض.

ولما انفصل السلطان أخذه معه إلى خيمته؛ وأحضر له أسباب تكرمته، وآنسه بانبساطه، ونظمه مع أصحابه في سمط سماطه. وأجلسه إلى جنبه، وعقد له حبا حبه. وخصه بخلع وثياب، وحصن عراب، وما يليق به من كل باب. وانصرف عنه ونزل على ميمنته، نزوله عام أول في منزلته.

وفي يوم الجمعة رابع جمادى الآخرة وردت من مصر كتيبة ثانية، صارفة أعنة خيلها إلى الجهاد ثانية، ساطية على الكفر ببأسها جانية، وقد علمت الوقائع أنها

لثمراتها اليانعة من ورق الحديد الأخضر جانية. فما نزلت حتى عرضت على العدو مقانيها، وأبرزت لعينه قناها وقواضبها. وأرنت برسل المنية إليه قسيها، ثم جاءت وألقت بمضاربها عصيها. وكانت العساكر تتوارد، والجموع تتوافد.

ذكر ضعف البلد

والفرنج قد ضايقوا البلد مضابقة آيست منه، وأسلت القلوب عنه. والمجانيق قد رمت شرافاته، وسمت إليها بآفاته، وأعادت جوانبه مهدومة، ونواجزه مهتومة. وتنحطت عنه بمقدار قانة، فلم يتمكن أحد عليه من إقامة.

وضعف البلد والجلد، وخلا بالهم عليه الجلد. وقد حفظ القوم من جانبنا خنادقهم، ووكلوا فيالقهم. ونحن لا نألوا في الجهاد جهدا ولا نترك جدل، ولا نجد من مضايقتهم بكل نوع بدا.

وجاء الخبر أن ملك الانكتير قد أشفى من المرض؛ وأشرف من المضض، حتى حلق رأسه حلق لحيته، واستلقى الانتظار منيته. فتثبط الفرنج ونثبتوا. وسكنوا وسكتوا. إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015