السنة من استشهاد جماعة من أمراء العسكر، وسعداء المعشر، وكرماء المحشر، وندماء الكوثر، وحلفاء المفخر.
واستشهد يوم تاسع جمادى الأولى (القاضي المرتضى ابن قريش الكاتب). وكان صدرا تتجمل به المراتب. وجريا جارى القلم، بليغا بالغ الحكم. مهيبا يخشى، مرهوبا لا يغشى. وهو في أهبة من المهابة، وكتيبة من الكتابة. صوبه في الصواب منتجع، وخطابه في الخطب مستمع. ولرأيه رى وريا، وتدبيره للأمور بتنفيذ الأوامر السلطانية دينا ودنيا. ولم يكن له في الكفاية كفء. ولم يزل لخروق الخطوب بقلمه رفء.
وكان رجل دمشقي بنابلس له ملك بدمشق قد تركه، ورغب في ابتياعه (القاضي المرتضى) ليملكه، فتقاضى قاضي نابلس مرارا بإحضاره، فلما حضر رغبه في البيع على إيثاره، بأضعاف الثمن ونقد ديناره. فانفصلا على التراضي، ونجح سعي القاضي للقاضي. وبكر البائع إلى سلام المشتري، ووثب وثوب المجتري. وطعنه بمديته، وهو آمن في خيمته. وفتك به فتك اللعين أبي لؤلؤ بالفاروق،
وخرج من الخيمة كالسهم في المروق. فلقي قاضي نابلس فقتله، ومضى يسلك سبله. فأدركه الناس وقتلوه، وكاد يفلت لو لم يعاجلوه، ففجع المنصب بمصابه، وناب عنه أخوه مع نوابه.