ابن لاون، وأعطاه عشرين مقدما من أكابر أمرائه ليكونوا معه حتى يصل إلى المأمن رهائن. وأمر الناس بمبايعتهم على ما يسومونه، وأن يعاوضوهم من الخيل والعدة بما يرومونه. وأقام لهم الأسواق، وعرض عليهم الأمتعة والاعلاق. فساروا في رفه ورفق، وتقو بلا توق.
فلما وصل الملعون إلى بلاد الأرمن غدر بالرهائن، وساقهم محمولين مع الظغائن.
وتأول عليهم بأن التركمان سرقوا منهم في طريقه، ونكث جميع مواثيقة. ووصل (ليفون بن اسطفانة بن لاون) مقدم الأرمن إلى خدمته، ودخل في طاعته، وكان بمفرده خاليا من عسكره بمجرده. وذلك في طرسوس فتمكثوا بها ليربحوا بها النفوس.
وقيل عن لكلب الألمان أن يسبح في النهر، ويميط عه ما عراه من الوضر والضر. وكان شيخا مسنا قد عاد لكبر سنه شنا. وحسب إنه إذا سبح سحب ذيل الاستراحة، فكان موته في تلك الراحة وهلكه في تلك السباحة. فإنه عام في الماء البارد، وتورط منه في أصعب الموارد. وخرج وبقى مريضا إلى أن خرج من ثوب البقاء، وتحول إلى فناء الفناء. وتلقاه مالك بالزبانية، وحملوه إلى نار الله الحامية. وسمعت نصرانيا يقول في معناه: كنت معه لما سلك فهلك، وأعجله مالك النار عما ملك. وذلك أن النهر ما كان فيه إلا عبر واحد، والعسكر فيه متزاحم متوارد. فقال ملك الألمان: هل تعرفون موضعا يمكن فيه العبور، ويؤمن فيه العثور. فقال له واحد: هاهنا مخاضة ضيقة من احترز فيها عن التيامن والتياسر عبر، ولا يعبر فيها إلا واحد بعد واحد إذا تثبت واستظهر. فبدر إلى تلك المخاضة، ذات الجرية الفياضة. ودخل الماء فطغى على ذلك الناري الطاغي، وأعجل ذلك الباغي عن المباغي. ورماه في جريانه إلى شجرة شجت جبينه وجبنت جاشه، وعثرته بحيث لم يؤمل انتعاشه. فتعبوا في إخراجه، وأيسوا من علاجه. ومات عدو الله شر ميته، وبلى شمله بتشتيته، وحبله بتبتيته.
وخلفه ولده على خلف من أصحابه وأجناده، لمكان الولد الذي خلفه في بلاده. وقيل إنهم سلقوا ذلك الهالك في قدر حتى تخلص عظمه، وتهلاي لحمه. ثم جمعوا في كيس عظامه، وراموا بذلك إكرامه وإعظامه. ليحملوه إلى كنيستهم بالقدس قمامة، ويدفنوه على ما كان أوصى به ورامه.
ولما عرف ابن لاون بهلاكه، وسكون حراكه؛ وما جرى من الاختلال والاختلاف بموته؛ وانه لا تلافى لما فرط من تلفه وفوته؛ فارقهم إلى بعض قلاعه، واتصل الضر بهم لانقطاعه.
ووصل كتاب من الكاياغيكوس صاحب قلعة الروم يرغب ويرهب ويبرق ويرعد، ويقول ويعدد، ويدهده ويهدد. ويرى إنه ناصح، وللقصة شارح، وإن الأمر واضح، وإن الخطب فطيع فاضح. وإن هذا الملعون أول ما