ويحيا. وسيرت معه الهدايا، والتحف والطرف السنايا. وأسارى الفرنج الفوارس، وعددها الكوامل النفائس. وتاج ملكهم السليب والصليب والملبوس والطيب.
وأضيفت على رسول الإمام ملابس الإكرام، وقفل ناجح المرام. واصطحب الضياءان لإضاءة مطالع الإيمان، بسفارة سافرة عن سني الإحسان، وبشارة شائرة جنى النحل من نحل الجنان. واهتزت الأعطاف، واعتزت الأطراف. وابتسمت ثغور لسدادها، وانتظمت أمور الجمهور لسدادها. وسرت القلوب وسريت الكروب. وخزي الحاسد الحاشد، وقوى الساعد المساعد. وواصل في طريقه الإغذاذ، حتى وصل إلى بغداد. فتلقى الرسول بالسول، وقوبل بالقبول. وخرج إليه الموكب الشريف، وأضيفت له إلى تالد جده القديم جده الجديد الطريف. ودخل
البلد وأسارى الفرنج على هيئة يوم قراعها، راكبة حصنها في طوارقها وبيارقها وأدراعها، وقد نسكت بنودها وأتعست أنوفها. وهيئت على هيئة فتوحنا حتوفها، ووقف على العتبة الشريفة واستقبلها وقبلها. ثم عطف إلى دار الكرامة فنزلها.
وألفى الوزير ابن حديدة قد عزل، وأقام في بيته واعتزل. وتصدر في الدست للنيابة، وسماع الخطاب والإجابة، ومن له المجد الأثير الصدر الكبير، مؤيد الدين صاحب ديوان الإنشاء، وقد خص بتولي الحل والعقد والأخذ والإعطاء. فتولى سماع الرسالة وجوابها، وأولى صوبها ووالى صوابها.
وسيأتي في موضعه ذكر ما انتهيت إليه حال، وجرى به القال، وكيف شغلت العوائق وعاقت الأشغال.
قد تقدمت خدمة الخادم بما قدمه من امتثال المثال، وأداة من فرض الإعظام والإجلال. وقام به من الأمر الذي قام به أمر الدين والدنيا، وبادر إليه من استثمار طاعته التي دامت لها من نعمة الدار العزيزة في إزكاء مغارسها السقيا. وحل حبا الحب لما حل من حبائها، وعقد خنصر النصر لعزائمه على ما اعتقده من ولائها، وجمع شمل السعادة الشاملة بما جمع أمره جمع أمره من اسعادها، واستجد عهد الجد المورق المونق بما جاد ثراه من ثرات عهادها، ونهض من الملك بتقديم ما قدمه على الملوك الناهضين. وأبرم من عقد عبوديته الكاملة ما تقاصر عنه تطاول الناقصين. ووفق لما وافق المراضي الشريفة بما حاز من شرف الرضى، واقتضى دين الدين الثابت وثبت على الوفاء في استيفائه بما قضى. وسبق إلى ما سبق به جواد صدقه في جواد قصده، وافتتح فريضة طاعته في حلاوة عبوديته بتلاوة فاتحة حمده، وانتهى إلى نهاية النهى، وأطاع