القضاء. وودعه (الأجل الفاضل) على عزم مصر، بعد ما استكمل لنا مدة مقامه بصدق اهتمامه وجد اعتزامه الفتح والنصر. ثم تحول السلطان إلى أرض بيسان، وأزال البؤس وزاد الإحسان.
وأقام بقية الشهر، في تمهيد مجد يقيم باقي الدهر. وأظهر من الفضل ما لم يكن مستورا، وأعطى الأمراء والأجناد في انفصالهم دستورا. وسار ومعه أخوه الملك
العادل مستهل ذي الحجة، واضح المحبة، لائح البهجة. واوجها إلى القدس في طريق الغور، وزاره للبركة وتبركا بالزور، ووصل يوم الجمعة ثامن الشهر. وصلى في قبة الصخرة، وخص ذوي الخصاصة بعميم المبرة. وعيد بها يوم الأحد الأضحى، وأضحى بعد ما ضحى، وقد أصحب مراده وأصحى.
وسار يوم الاثنين إلى عسقلان للنظر في مهامها، ونظم أسباب أحكامها، وتدبير أحوالها، وترتيب رجالها. وأقام أياما يوضح الجدد، ويصلح ما فسد، وينشد من النفع ما فقد، ويخمد من الشر ما وقد. فإذا وجد شعثا لمعه، وإن ألفى نشرا ضمه، وإن صادف فتقا رتقه، وإن لقي حقا حققه، وإن بصر بأمل خصه بعرفه وآثره، ثم ودعه أخوه الملك العادل واستقل إلى مصر بعسكره.
ورحل السلطان على صوب عكاء موفقا في مورده ومصدره، فما عبر ببلد إلا قوى عدده، وكثر عدده، وواصل بالرجال مدده، وكنت انفصلت عن خدمته إلى دمشق عند رحيله من بيسان، لعارض مرض سلبني الإمكان. والحمد لله الذي وفر خصة الصحة، وحول المحنة إلى المنحة. وكمل الشفاء بعد الاشفاء، وأهدى عند اليأس أرج الرجاء.