الأولى لعماد الدين صاحب سنجار الليث الهصار، والغيث المدرار، والبحر الزخار. والسيد الحلاحل، والملك العادل. في صحابه الصباح، كفاة الكفاح، وعفاة الصفاح. ونفاة الهام، بثبات الأقدام في الإقدام، وشفاة الاوام بعلة الانتقام من الأقوام، وأساة ذوي الإساءة بإحسان الحسام، وكساة عرى العراء أردية القتام. ورقاه أراقم اللهاذم، وسقاه حوائم الصوارم. والمزاق في حومة الردى رداء المآزق، والسباق في حلبة الهدى بهوادي السوابق. من كل شارب ماء الوريد بشفاه الشفار، وضارب هام المريد ببتار التبار، ولاسع بحمة في الاسل العاسل عاسل، ولابس لباس الباس كالأسد الباسر باسل. ومعقد للدين بالرديني معتقل. ومعتد على العدو بعادى معتدل. ومجتاب لبوس البوس على الموت العبوس مجتاز، ومجتب لحب المنون لرهون نفائس النفوس محتاز.
فانقضوا على الهضب، وعضوا على العضب. ودام الصفا يدهده، والصدى يقهقه. والزاحف يتقدم ويتقهقر، والحافز يخفى ويظهر. والرجال تتعالى، والحجار تتوالى. والمصاعد ترقى، والمصاعب تلقى. والمضايق تولج، والبوائق تحرج. والآكام تفرع، والرجام تقرع، وللصخور ترديد، والجلاميد تميد.
وما زالت هذه النوبة تتنازل وتقاتل، وتناضل وتطاول، وترمى وترمى، وتدمى وتدمى، وتصمى. وترد وترد، وتصد وتصد، وتصدم وتصدم، وتقدم وتحجم، وتصدع وتصدع، وتحمل وترجع، وتذكو وتنطفي، وتبدو وتختفي، حتى كلت وملت، وانحلت وتخلت، وكانت غلبت لولا أنها لغبت، وسمت لولا أنها سئمت. وألفيت هذه النوبة خاصة، بأهل الحصن حاصة. فإنهم تولوا بأجمعهم القتال ولم يقصدوا للتناوب الاستبدال.
ولما ظهرت في التوبة النبوة؛ وكاد جوادها تناله الكبوة؛ تقدم السلطان بنفسه في النوبة الثانية، والسطوة الدانية، والعزمة الناوية غير الوانية. وخف في الثقال من الرجال، وزحف إلى الجبل بالجبال، وتضافروا فتطافروا في الاوعار كالأوعال. وجروا كالسيول في تلك المسائل، وجروا ذيول السوابغ على تلك الهواجل. وترقوا في ذراها، وقروا على قراها. وتلبسوا بجوانبها، وتوجسوا من مثاعبها، وتدرجوا في مدارجها، وعرجوا في معارجها، وخرجوا في مداخلها ودخلوا في مخاربها. وصارت الجروخ تجوزهم، والجروخ لا تحوزهم. والسهام تعبرهم، والآكام تسترهم. والنخوة تحميهم، والحمية تنخيهم.
وقد نشط السلطان لتسليطهم وتنشيطهم، والتحذير من توريطهم وتفريطهم. فمن انقبض بسطه، ومن أعرض ضبطه، ومن أقبل أربطه، ومن أدبر أسخطه. ومن تقدم قرظه، ومن تقاعس أحفظه، ومن تناعس أيقظه. وكلما شاهدوا السلطان يشاهدهم تسلطوا، وكلما اغتبطوا بما فرعوه من تلك الفوارع ارتبطوا.