نصبه، ورفع المنجنيق ونصبه، وجعل لرجاله نوبا، ولأحواله رتبا، وألقم أفواه كفاته حجرا، وأجرى في الحق من الحجارات الجاريات من منابعه نهرا، ورجم الحصن الزاني رجم المحصن، وأحسن إلى الإسلام وأساء إلى الكفر فلله در المسيء المحسن. وما زالت المجانيق من جانبه وجانبنا ترمى؛ والحنايا بسهام المنايا تصمر؛ حتى قتلت مقاتلة الحصن، وهان بما دب فيه من الوهن.

وأصبحنا بكرة يوم الجمعة جمادى الآخرة، وطما بحر العسكر بأمواجه الزاخرة، وازدحم الناس في الزحف كأنهم في الحشر بالساهرة. وهاج الشباب، وماج العباب. وتسابق ذوو الجرأة والقوة، وتلاحق ذوو الحمية والنخوة. وكان في قرنة الخندق عند خرقه إلى الوادي موضع لم يكمل تعميقه، ولم يتم توثيقه. فتطرقوا من تلك القرنة إلى القنة. وتسوروا السور وتسلقوا، وتقلعوا إلى القلعة وتعلقوا. وتملكوا الذروة وأمسكوا العروة. واستولى على أهلها الرعب، واستشرى بهم الكرب، فتعادوا إلى القلة، وتفادوا من الخوف لا من القلة. وملكت عليهم ثلاثة أسوار، بما فيها من متاع وشوار، ونعم وابقار، وصاحوا: الأمان! وبذلوا الإذعان. ونادوا، مكنونا من السلامة، وتسلموا المكان!.

فما أمنوا على المال والنفس، حتى قررنا عليهم مثل قطيعة القدس. وأغلقت دونهم الأبواب. وسير إليهم النواب. وما استقر خروجهم حتى استخرج منهم القرار. وجبى الدرهم والدينار، وعم الكبار والصغار الصغار. وتولى ذلك (شجاع الدين طغرل الجاندار). ثم سلم حصن صهيون بجميع اعماله؛ وسائر ما حواه من

ذخائره وأمواله؛ إلى الأمير (ناصر الدين منكورس بن خمارتكين)، أسد العرين وأمير المجاهدين. المقدام الهمام، والمطعان المطعام. فالتقى الثغر سداده بسداده، وامرع به مراد مراده.

ذكر فتح الحصون المذكورة والرحيل

وتسلم يوم السبت قلعة العيذو. ويوم الأحد قلعة الجماهريين. ويوم الاثنين حصن بلاطنس. وندب إلى كل حصن من تسلمه، وسلكه في سلك الفتوح ونظمه.

ذكر فتح حصني بكاس والشغر

وسار السلطان ثاني يوم فتح صهيون على سمت القرشية، ومشية الله جارية على موافقة ما له من المشية. ونزل على (العاصي) في طاعة الله والنصر قد نزل؛ والكفر قد انخذل؛ يوم الثلاثاء سادس الشهر، ويحور السوابح في غدران السوابغ مائجة على ذلك النهر، وحكم السلطان في القهر ماض بأذن الله على الدهر. وتسلم حصن بكاس يوم الجمعة تاسع الشهر المذكور، وشكا الشرك نكاية حد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015