الخير الدعاء والعمل الصالح، قال: ((فكيف ينكر وصول العبد إلى الخير بدعائه أو بعمله الصالح، فإن هذا من الأسباب التي ربط الله مسبباتها بها، وعلمها قبل أن تكون، فعلمه على كل تقدير أزلي في المسببات والأسباب، ولا يشك من له اطلاع على كتاب الله - عز وجل- ما اشتمل عليه من ترتيب حصول المسببات على حصول أسبابها، وذلك كثير جدا)).
ومن ذلك قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [النساء: 31] {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم:7]، {واتقوا الله ويعلمكم الله} [البقرة:282].
وكم يعد العاد من هذا الجنس في الكتاب العزيز، وما ورد في معناه من السنة المطهرة، فهل ينكر هؤلاء الغلاة (?) مثل هذا، ويجعلونه مخالفا لسبق العلم مباينا لأزليته؟ فإن قالوا: نعم، فقد أنكروا ما في كتاب الله- سبحانه- من فاتحته إلى خاتمته، وما في السنة المطهرة من أولها إلى آخرها. بل أنكروا أحكام الدنيا والآخرة جميعها، لأنها كلها مسببات مترتبة على أسبابها، وجزاءات معلقة بشروطها)) (?).
كما جمع الشوكاني- رحمه الله- بين الأحاديث الواردة بسبق القضاء، وأنه قد فرغ من تقدير الأجل والرزق، والسعادة، والشقاوة، وبين الأحاديث في طلب الدعاء من العبد، وأن الله يجيب دعاءه، ويعطيه ما سأل مثله، وأنه يغضب إذا لم يسأل، وأن الدعاء يرد القضاء، ونحو ذلك كصلة الرحم، وأعمال الخير.
فحمل أحاديث الفراغ من القضاء على عدم تسبب العبد بأسباب الخير أو الشر،