وحمل الأحاديث الأخرى على وقوع التسبب من العبد بأسباب الخير، أو التسبب بأسباب الضر، وقال: ((إن هذا الجمع لا بد منه، لأن الذي جاءنا بالأدلة الدالة على أحد الجانبين هو الذي جاءنا بالأدلة الدالة على الجانب الآخر، وليس في ذلك خلف لما وقع في الأزل، ولا مخالفة لما تقدم العلم به، بل هو من تقييد المسببات بأسبابها ... )) (?).

وفصل الشوكاني- رحمه الله- تفصيلا دقيقا عن الدعاء، وفائدته، وكونه سببا لرد القضاء، وأطال الكلام في رده على المخالفين له، الذين أبطلوا فائدة ما ثبت في الكتاب والسنة، من الإرشاد إلى الدعاء، وأنه يرد القضاء، وما ورد من الاستعاذة منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سوء القضاء، وما ورد من أنه يصاب العبد بذنبه، وبما كسبت يده، ونحو ذلك مما جاءت به الأدلة الصحيحة، وجعلوه مخالفا لسبق العلم، ورتبوا عليه أنه يلزم انقلاب العلم جهلاً (?).

4 - الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى:

ذهب الشوكاني- رحمه الله- في هذه المسألة مذهب جمهور أهل السنة، وهو إثبات الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى، أي أن أفعال الله تعالى وأوامره معللة بعلل غائية، وحكم بالغة يحبها ويرضاها، ويفعل لأجلها، وأنه مما ينافي كماله وجلاله وحكمته ورحمته أن تكون أفعاله وأحكامه صادرة منه لا لحكمة، ولا لغاية مطلوبة.

وقد دل على ذلك القرآن الكريم في مواطن عدة.

كقوله تعالى وهو يثني على عباده المؤمنين: {ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك} [آل عمران: 191]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015