قال تعالى: {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} [الشمس: 9 - 10]

((أي قد فاز من زكَّى نفسه وأنماها وأعلاها بالتقوى بكل مطلوب، وظفر بكل محبوب، وخسر من أضلها وأغواها، ومعنى (دساها) في الآية: أي أخفاها وأخملها، ولم يشهرها بالطاعة والعمل الصالح)) (?)

((فعدم اهتداء الناس لم يكن لأجل نقص فيما خلقه الله لهم، من السمع، والعقل، والبصر، والبصيرة، بل لأجل ما صار في طبائعهم من التعصب والمكابرة للحق، والمجادلة بالباطل، والإصرار على الكفر)) (?).

كما بينه الله تعالى بقوله: {بل طبع الله عليها بكفرهم} [النساء: 155] وقوله: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين} [الصف:5] ((أي لما أصروا على الزيغ، واستمروا عليه، أزاغ الله قلوبهم عن الهدى، وصرفها عن قبول الحق)) (?)

وعلى هذا فإن إسناد الهداية والإضلال إلى الله تعالى إسناد من حيث إنه خلق أفعال العباد، ووضع نظام الأسباب والمسببات، لا أنه جبر الإنسان على الضلالة أو الهداية.

3 - مبدأ السببية في القدر:

لقد أثبت الشوكاني- رحمه الله- مبدأ السببية في الإيمان بالقدر، وأنكر إنكارا شديدا على المنكرين لها، ففي كتابه " قطر الولي على حديث الولي " تحدث عن هذا الموضوع بشيء من التفصيل، فبين أن الله- عز وجل- لما قدر مقادير العباد، قدرها مع موجباتها وأسبابها، فقدر للخير موجباته وأسبابه، وقدر للشر كذلك، ومن أسباب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015