قال الشوكاني في " فتح القدير " (?) " كل فرد من أفراد الناس مفطور، أي مخلوق على ملة الإسلام، ولكن لا اعتبار بالإيمان والإسلام الفطريين، وإنما يعتبر الإيمان والإسلام الشرعيان، وهذا قول جماعة من الصحابة ومن بعدهم، وقول جماعة من المفسرين، وهو الحق، والقول بأن المراد بالفطرة هنا الإسلام هو مذهب جمهور السلف" ا هـ.

قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30]

استدل الشوكاني بهذه الآية الكريمة على أن التوحيد أمر فطري في الإنسان، ورجح القول بحمل الناس في الآية على العموم من غير فرق بين مسلمهم وكافرهم، وأنهم جميعا مفطورون على ذلك، لولا عوارض تعرض لهم، فيبقون بسببها على الكفر، ثم قال رحمه الله: " وهذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لا تبديل لها من جهة الخالق سبحانه {ذلك الدين القيم}: أي ذلك الدين المأمور بإقامة الوجه له، أو لزوم الفطرة، هو الدين القيم " (?).

ومثل هذه الآية قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة: 138]. قال الشوكاني: " أي الإسلام (?). فالإسلام هو صبغة الله في كل مخلوق مدرك. وروي عن مجاهد في قوله تعالى: صبغة الله. قال: فطرة الله التي فطر الله الناس عليها (?).

ومما يدل على أن النفس تدرك وجود الله بفطرتها، وترجع إليه في الشدائد والمحن تستمد منه العون، وتطلب منه النجاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015