"لا ينبغي لعالم أن يدين بغير ما دان به السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم، من الوقوف على ما تقتضيه أدلة الكتاب والسنة، وإبراز الصفات كما جاءت، ورد علم المتشابه (?) إلى الله سبحانه، وعدم الاعتداد بشيء من تلك القواعد المدونة في هذا العلم - أي علم الكلام- المبنية على شفا جرف هار من أدلة العقل بما يطابق الهوى، لا سيما إذا كانت مخالفة لأدلة الشرع الثابتة في القرآن والسنة، فإنها حينئذ حديث خرافة (?) ولعبة لاعب، فلا سبيل للعباد يتوصلون به إلى معرفة ما يتعلق بالرب سبحانه، وبالوعد والوعيد، والجنة والنار، والمبدأ والمعاد، إلا ما جاءت به الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، وليس للعقول وصول إلى تلك الأمور. . . " (?).

كما أن الإمام الشوكاني سلك في الاستدلال على وجود الله مسلك القرآن الكريم، وهو إثبات وجود الله عن طريق بيان عظمته وتدبيره المحكم، وقدرته على كل ما في العالم، وعنايته التامة بكل صغيرة وكبيرة.

وقد اشتمل القرآن الكريم على الحجج والبراهين القاطعة التي تقمع شبهة كل ملحد أو منحرف، في كل زمان ومكان. قال تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام:38] أي ما تركنا في القرآن من أمر الدين، إما تفصيلا أو إجمالاً (?).

ويمكن حصر الطرق التي سلكها الشوكاني في الاستدلال على وجود الله في طريقين:

(الطريق الأول): الفطرة والميثاق المعقود بينها وبين بارئها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015