قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [يونس: 22].

فسر الشوكاني هذه الآية وقال: " وليس هذا لأجل الإيمان بالله وحده، بل لأجل أن ينجيهم مما شارفوه من الهلاك، لعلمهم أنه لا ينجيهم سوى الله سبحانه، وفي هذا دليل على أن الخلق جبلوا على الرجوع إلى الله في الشدائد " (?).

ويربط الشوكاني في تناسق بين هذه المعرفة الفطرية، وبين الميثاق الذي أخذه الله على الإنسان، وهو في عالم الذر قبل أن يخلق كما أشار سبحانه في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172 - 173].

يقول الشوكاني في تفسير الآية: " إن الله سبحانه لما خلق آدم مسح ظهره، فاستخرج منه ذريته، وأخذ عليهم العهد، وهؤلاء هم عالم الذر، وهذا هو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه، ولا المصير إلى غيره، لثبوته مرفوعا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وموقوفا على غيره من الصحابة " (?).

وأيد تفسيره هذا بأحاديث كثيرة:

(منها): حديث ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: أخذ الله تبارك وتعالى الميثاق من ظهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015