لمقابله، وإن كانا عمومين شمل كل واحد منهما واحد من المتقابلين رجعنا إلى الترجيح، ووجوه الترجيح (?) معروفة، وإن كان بينهما عموم وخصوص من وجه فلا تعارض بينهما في مادة الاجتماع، لأنها متناولة لهما، ويتعارضان في مادتي الافتراق فيرجع إلى الترجيح بينهما.

أما في نفس ذينك الدليلين أو بدليل خارج عنهما، وإن كانا خاصين يتناول دليل كل واحد منهما ذلك المدلول عليه على الخصوص، ويدفع مقابله، فهذا من تعارض الأدلة الخاصة، والواجب الرجوع إلى وجوه الترجيح، وهي لا تخفى على المحققين، ولكن هذا كله خارج عن مسألة السؤال لا جامع بينه وبينها بوجه من الوجوه، لأنه من تعارض الأدلة، لا من باب تعارض الامتثال والأدب، لأن فعل كل واحد منهما من باب امتثال ما ورد عن الشرع، فإن ترجح في نفسه سقط مخالفه، وإن ترجح مخالفه سقط هو. ولا يصح إن بعد فعل المرجوح من باب الأدب، ولا مدخل للأدب في ذلك، لأن الاعتبار بأدب الشرع، وهو ما دل عليه الكتاب أو السنة قولا، أو فعلا، أو تقريرا، لا بالأدب الذي تقبله العقول، وتستحسنه الأنفس، فإن ذلك خارج عن الشرع.

والتجاوز في هذه المسألة والتساؤل عنها إنما هو فيما يدل عليه الشرع، ولو علم المسئول بادئ بدء أن سؤال السائل إنما هو عن أمر ورد الشرع به، وعن أمر يخالفه لما اشتغل بجوابه، ولا تحير عند إيراده؛ لأن هذا السؤال هو في وزان قول لقائل: هل الحق خير من الباطل، أو الباطل خير من الحق؟ أو قول القائل: هل اتباع [2أ] الشرع أولى من اتباع غيره، أو اتباع غير الشرع أولى من اتباعه؟ وأنت تعلم أنه عند أن يقرع الأسماع هذا الكلام الزائف، والسؤال المائل عن سنن الصواب لا يجاب السائل إلا بالسخرية منه، والضحك من قوله، والتعجب من جهله.

فإن قلت: قد مثل هؤلاء المتحاورون في هذه المسألة، المتنازعون فيها بمثال معروف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015