هو أن الأدلة الواردة في تعليمه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كيف يصلون عليه وردت كلها بلفظ: اللهم صل على محمد، فزادوا لفظ سيدنا وقالوا: اللهم صل على سيدنا محمد، وقالوا: هذه الصلاة مشتملة على الأدب الحسن، والأدلة دلت على عدم ثبوت هذه الزيادة، فأيهما أفضل الإتيان بها تأدبا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أو تركها امتثالا لأوامره التي لم تشتمل على هذا اللفظ؟

قلت: وهذا المثال أيضًا ليس مما يصدق عليه معنى ذلك السؤال، ويندرج في معنى ذلك الإشكال، لأنه قد صح عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - صحة وقع الإجماع عليها أنه قال: " أنا سيد ولد آدم " (?) فدخل في ذلك جميع الأنبياء الصالحين، وكل المؤمنين والمسلمين على اختلاف أنواعهم، وتباين طبقاتهم، فهو - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - سيد كل فرد من أفراد العباد كائنا من كان، وعلى كل إنسان أن يعتقد ذلك، ويدين به، ولكنه لم يرد في الصلوات المنصوصات هذا اللفظ، بل وقع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الاقتصار على ذلك المقدار، ولو كان لذلك مدخل في الصلوات لعلمه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الناس كما علمهم سائر ألفاظ الصلوات.

ولا يصح أن يقال: إنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ترك التصريح بهذا اللفظ تواضعا، أو نحو ذلك، فإن ما شرعه الله لعباده لا يترك بمجرد ذلك، ولا يصح نسبته إليه، ولو كان للتواضع ونحوه مدخل في التشريع لم يقل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " أنا سيد ولد آدم " فإن هذا الحديث قد شمل أمته، وشمل غيرهم [2ب] من سائر الملل المختلفة، والطوائف المتباينة، منذ عصر أبينا آدم، - عليه السلام - إلى هذه الغاية، وما وقع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من النهي عن تفضيله على موسى - عليه السلام (?) - ذاكرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015