عمر (?)! عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: " من عرض له من هذا الرزق شيء من غير مسألة ولا إشراف فليتوسع به في رزقه، فإن كان غنيا فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه ".
قوله: " يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم ".
هذه العبارة الرحمانية، والكلام الصمداني، تشمل كل فرد من أفراد العباد، لما قدمنا من أن إضافة العباد إلى ضمير الرب سبحانه يفيد العموم، ويزداد ذلك تأكيدا بقوله: " كلكم " ثم بالاستثناء المشعر بعموم المستثنى منه، فالمعنى كل فرد من أفرادكم عار عن اللباس إلا من كسوته.
ثم طلب عز وجل منهم أن يطلبوا منه أن يكسوهم فقال: " استكسوني "، ثم أخبرهم بأنه يجيب هذا الطلب الواقع منهم فقال: " أكسكم ".
ومن أمعن النظر في هذه الفواصل المذكورة في هذا الحديث علم ما عند الرب سبحانه من الرحمة لعباده ومزيد اللطف بهم، فإنه بين لهم ما بهم من مزيد الحاجة إلى عطائه الجم وتفضله العم في أعظم ما تدعوهم الحاجة إليه وهو الطعام الذي لا يعيشون بدونه، وأمرهم أن يطلبوه منه، وتكفل لهم بالإجابة وإعطائهم ما يطلبونه، ثم ذكر لهم ما لا بد لهم منه من ستر أبدانهم بالكسوة التي لولا وجودها لهم لانكشفت عوراتهم وأضر بهم البرد، وأنه الكاسي لهم والمتفضل بذلك عليهم، ثم أمرهم تفضلا منه لهم ولطفا بهم أن يطلبوا ذلك منه، ووعدهم بالإجابة لدعوتهم والتفضل منه لهم لحاجتهم، وهذا بعد أن نهاهم عن التظالم في ذات بينهم، بعد أن أخبرهم أنه حرم الظلم على نفسه؛ ليقتدوا به عز وجل في تجنب هذه الخصلة القبيحة التي تفسد معايشهم؛ وتبطل بها أحوالهم