إلا عند عدمها. والمفروض أنها هنا موجودة لم تعدم. وجهل من جهل الشريعة [16ب] لم يتعبد الله به أحدًا من عباده، ولا أمر فردًا من أفرادهم باتباعه.
أما إذا لم يكن في المسألة نص، أو ظاهر، أو قياس صحيح، ولم يكن بيد ذلك الحاكم، ولا بيد غيره إلا مجرد الرأي فليس لغيره أن يخالف حكمه بمحض الرأي، فليس رأي أحد الحاكمين بأرجح من رأي الآخر، وهكذا إذا كان كل واحد منهما قد تمسك بنص، أو ظاهر، ولم يترجح أحدهما على الآخر بحجة ظاهرة قاهرة، فليس لأحدهما المخالفة للآخر، ولا نقض حكمه لعدم المرجح، ولأنه لو ساغ النقض والأمر كذلك لم يستقر حكم من أحكام المسلمين.
وقلتم: والأحكام التي يحررها حكامنا لا تمنع المراجعة فيها لمن اطلع على خلل ... إلخ.
وأقول: هذا دأب المنصفين، ومسلك المتورعين، ولكنه ربما قال الحاكم الذي لم يكن متأهلا للحكم: إن حكمه بعد تمسك الغرماء به لا ينقض إلا بدليل علمي باعتبار ما قد عرفه من الأزهار (?)، ذاهلا عن كون الاجتهاد شرطًا من شروط الحاكم في نص الأزهار (?) كما نجده عند كثير من الحكام الذين لم تكن لهم أهلية، وحينئذٍ يطول النزاع، ويكثر الخصام، وربما يقول: إنه حكم بقول عالم من العلماء الذين تضيق أذهان العوام عن تصورهم لما هم عليه من جلالة القدر، ونبالة الذكر، وسعة العلم، فيظنون هم ومن يلتحق بهم أن الحاكم المجتهد إذا نقض حكم ذلك المقلد الذي حكم بقول ذلك العالم قد جاء بإحدى الكبر، وتلبس بأعظم الفواقر، ولا يتعلقون بأن الحاكم الذي حكم بذلك المقول غير متأهل للحكم، وأن نقض حكمه ليس إلا لعدم أهليته، لا لكونه حكم بقول