فلان. وإذا لم يتعلقوا لهذا مع كونه مصرحًا باشتراط اجتهاد الحاكم في المختصرات الفقهية، فكيف يتعقلون ما هو أدق من ذلك! مثلا لو قال لهم القائل: إنه قد وقع الإجماع على عدم جواز تقليد الأموات كما نقل ذلك العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في القواعد (?)، وتابعه على تقرير ذلك من جاء بعده من العلماء المنصفين، أو قال لهم القائل مثلا: إن هذا الإمام الذي حكم الحاكم القاصر بقوله قد صح عنه أنه لا يجوز التقليد للأموات أو مطلقًا؛ فإنهم لا يتعقلون هذا، ولا ما يماثله من الحجج، بل ربما يعدونه هم والحاكم الذي لم يكن متأهلا من مسائل أهل النصب [17أ]، ومن أكاذيب المبتدعة ومن دسائس المنحرفين عن المذهب الشريف. وهذه اللطائف قد تلقنها غالب المقصرين، وجعلوها منفقة لما يأتون به من الجهالات، وتستروا بها عن كشف عوارهم وبوارهم، وفضائح جهلهم، فكانت لهم مجنًا يدفعون به ما يرد عليهم من العلماء المتأهلين، وحصنًا حصينًا يمنعهم عن انتقاد المنتقدين المبرزين، وذلك لأنهم عرفوا من أنفسهم العجز عن ربط ما يأتون به بدليله، والقصور عن دفع ما يرد عليه، لكونهم لا يعرفون الحجج الشرعية، بل لا يعقلونها، فعدلوا إلى هذه اللطيفة، ونفقها لهم من هو مثلهم، فكانت من أعظم الوسائل الشيطانية، والذرائع الطاغوتية، وداراهم من داراهم من المتأهلين، إما لمحبة السلامة والعافية، أو لفتوره عن البيان الذي أمر الله به، أو لمخافة فوات غرض من أغراض الدنيا، أو لحفظ قلوب السواد الأعظم عن النفور عنه، ورغوب النفس إلى عدم ذهاب الجاه الذي يعيش في ظله، ويشرب من وبله وطله، فطم الأمر، وعم، ووجد الشيطان اللعين السبيل إلى طمس معالم الشريعة، وإطفاء نورها، واهتظام حملتها القائمين ببيانها للناس، والله المستعان.

قال - كثر الله فوائده -: وغير خاف عليكم أن اختيار من هو متأهل للحكم بأحوال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015