أقول: إن كانت الإشارة في قوله: ويؤيد هذا [10ب] إلى ما أسلفه من كون الآية واردة في سبب خاص، وهو اختصام المنافق واليهودي فلا تأييد في ذلك أصلا، لأن ذلك السبب هو باعتبار المحكوم عليه وإفراد الضمير في {لتحكم} هو باعتبار الحاكم، فقد اختلف المؤيد اسم مفعول، والمؤيد اسم فاعل على أنه - عافاه الله - قد بادر في كلامه السابق إلى تسليم كون الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فقال: ولا يختص بمن كان سببًا فتأييد ما قد سلمه وجزمه بخلافه لا وجه له، بل هو شبه تناقض. وقد قدمنا أن الله - سبحانه - يقول: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا} ولم يقل: إنما كان قول المنافق، ولا قول اليهودي، وإن كان التأييد لما قرره سابقًا من أنه لا عموم في الحاكم لعدم شمول لفظ الرسول ... إلى آخر كلامه فلا يصح لتأييد إفراد الضمير في قوله {ليحكم} (?) لأن مرجع الضمير هو الرسول، فهو تأييد لنفس الدعوى بنفس الدعوى، ولمحل النزاع بمحل النزاع، وهو يندرج تحت المصادرة باعتبار المآل.
وقد صرح أهل علم آداب المناظرة (?) بمنعه ثم قوله: فلا يثبت هذا الحكم لغير رسول الله إلا بالقياس، وللمانع أبدًا الفارق يستلزم ما قدمنا ذكره من طي بساط الشريعة بعد عصر النبوة، والوقوع في مخالفة جميع الأمة، ومخالفة الضرورة الدينية، واللازم باطل فالملزوم مثله. وقد قدمنا بيان الملازمة وبيان بطلان اللازم، وهو - حفظه الله - أجل قدرًا من أن يقع في مثل هذا فإن حكم المخالف لقطعي من قطعيات الشريعة معروف، فكيف بالمخالف لضروري من ضرورياتها! بل كيف بالمخالف لها بأسرها، والجازم بارتفاع حكمها وانقراض التعبد بها! ومعلوم أنه لم يتصور عند تحرير كلامه هذا لزوم ما يستلزمه، بل جرد النظر إلى مناقشة دلالة الدليل على المدلول غير ملتفت إلى ما يستفاد من كلامه، ولو تأمله أدنى تأمل لم يكتبه ولا أورده، ولا اعترض به، فإنه قد صرح بأن