وقال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (?). والآيات والأحاديث الدالة على التأسي به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كثيرة جدًا، وهي مفيدة أن أمته أسوته في كل حكم لم يقم دليل يدل على اختصاصه به، فسيكون الدعاء إلى غيره من الأئمة والحكام والعلماء للحكم بما أنزل الله كالدعاء إليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لعدم وجدان دليل يدل على اختصاصه بهذا الحكم، فلو فرضنا أنه لا دليل يدل على أن الدعوة إلى غيره من المتأهلين للحكم من أمته لها حكم الدعوة إليه لكان دليل التأسي به المجمع عليه كافيًا في ذلك، ولو قال قائل: إن خطابات الله لرسوله بالأحكام الشرعية خاصة به لأن غيره مفضول، وهو فاضل لوقع في مضايق في كثير من الأحكام الشرعية، وخالف ما أجمع عليه المسلمون، وسلك في مسالك قد أراح الله الأمة من سلوكها، وولج في مهاوٍ ولم يلجها غيره، ولا أذن الله له بولوجها وهو - لا محالة - راجع إلى الطريق الواضح، وسالك في المسالك التي يسلكها سلف الأمة وخلفها. ولنقتصر على هذا المقدار؛ ففيه كفاية يندفع بها بل بالبعض منها ما أوردتم على الاستدلال بالآيتين الكريمتين.

وأما ما ذكرتم من قول الزمخشري في كشافه (?) فهو تأويل الدعوة إلى الله، فجعل الدعوة إلى الله تعالى هي الدعوة إلى رسوله كقول العرب: أعجبني زيد وكرمه أي أعجبني كرم زيد، وليس فيه إن إجابة الدعوة إلى الشريعة مختصة برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ولا تجب إلى غيره، فإن ذلك لا يخفى عليه، ومن رام أن يعرف ما يقول به في مثل هذه الآية فلينظر إلى تفسيره لغيرها من الآيات التي فيها الخطاب [10أ] لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وذلك كثير في القرآن؛ ففي كل سورة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015