عمرو (?): وهو إذ ذاك كافر، ووقع ذلك من أمته بعده، فتارة يدعو إلى كتاب الله من كان محقًا كما وقع في صفين (?)، ولم يقل أمير المؤمنين - كرم الله وجهه - يوم صفين إنها لا تجب إجابة الداعين إلى كتاب الله، بل قال: إنهم فعلوا ذلك خدعًا ومكرًا، وأنهم لو كانوا صادقين في الدعوة إلى كتاب الله لكان أولى لذلك منهم، وأحق به، فلم ينكر أصل الدعوة، ووجوب الإجابة إليها، بل أبان أن الداعي لم يرد الدعوة الحقة، بل أراد المكر والخدع، وأنه لو أراد الدعوة الحقة لكان المدعو أحق منه بها، ولو كانت الإجابة للدعوة الحقة عند أمير المؤمنين غير واجبة لم يدع إلى كتاب الله يوم الجمل (?)، ولا يوم النهروان (?)، وكيف ينسب ذلك إليه وهو كاتب كتاب المقاضاة في يوم الحديبية (?)! فإذا كانت الإجابة لدعوة من دعا إلى التحكيم واجبة فكيف لا تجب إجابة من دعا إلى حاكم من حكام الشريعة ليحكم بحكم الله! وكيف يقال: إن الإجابة في الآيتين المذكورتين مختصة برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -!.

الوجه الثامن: أنه قد تقرر في الأصول (?) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إذا فعل فعلا أو شرع الله له شرعًا كان التأسي به في ذلك ثابتًا على جميع أمته إلا أن يقوم دليل يدل على اختصاصه به [9ب]، وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين، وقد دل عليه كتاب الله - سبحانه - قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} (?) وقال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015