} وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين {(?)،} ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب {(?) [32].

واعلم أن ما حررناه وقررناه من أن كثيرا مما يفعله المعتقدون في الأموات يكون شركا قد يخفى على كثير من أهل العلم، وذلك لا لكونه خفيا في نفسه، بل لإطباق الجمهور على هذا الأمر، وكونه قد شاب عليه الكبير، وشب عليه الصغير، وهو يرى ذلك ويسمعه، ولا يرى ولا يسمع من ينكره، بل ربما يسمع من يرغب فيه، ويندب الناس إليه، وينضم إلى ذلك ما يظهره الشيطان للناس من قضاء حوائج من قصد بعض الأموات الذين لهم شهرة، وللعامة فيهم اعتقاد. وربما يقف جماعة من المحتالين على قبره، ويجلبون الناس بأكاذيب يحكونها عن ذلك الميت، ليستجلبوا منهم النذور، ويستدروا الأرزاق، ويقتنصوا النحائر، ويستخرجوا من عوام الناس ما يعود عليهم، وعلى من يعولونهم ويجعلوا ذلك مكسبا ومعاشا.

وربما يهولون على الزائر لذلك الميت بتهويلات، ويجملون قبره مما يعظم في عين الواصل إليه، ويوقدون في مشهده الشموع، ويوقدون فيه الأطياب، ويجعلون لزيارته مواسم مخصوصة يجتمع فيها الجمع الجم، فينبهر الزائر، ويرى ما يملأ عينه وسمعه من ضجيج الخلق، وازدحامهم وتكالبهم على القرب من الميت والتمسح بأحجار قبره وأعواده، والاستغاثة به، والالتجاء إليه، وسؤاله قضاء الحاجات ونجاح الطلبات، مع خضوعهم واستكانتهم، وتقريبهم له نفائس الأموال ونحرهم أصناف النحائر (?).

فبمجموع هذه الأمور مع تطاول الأزمنة، وانقراض القرن بعد القرن يظن الإنسان في بادئ عمره وأوائل أيامه أن ذلك [33] من أعظم القربات، وأفضل الطاعات، ثم لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015