يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
فانظر كيف نفى كل ملاذ ما عدا عبد الله ورسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وغفل عن ربه، ورب رسول الله -إنا لله وإنا إليه راجعون- وهذا باب واسع قد تلاعب الشيطان بجماعة من أهل الإسلام حتى ترقوا إلى خطاب غير الأنبياء بمثل هذا الخطاب، ودخلوا من الشرك في أبواب بكثير من الأسباب [31]. ومن ذلك قول من يقول مخاطبا لابن العجيل:
هات لي منك يا ابن موسى إغاثة ... عاجلا في مسيرها حثاثة
فهذا محض الاستغاثة التي لا تصلح لغير الله بميت من الأموات، قد صار تحت أطباق الثرى منذ مئين من السنين، ويغلب على الظن أن مثل هذا البيت والبيت الذي قبله إنما وقعا من قائليهما لغفلة، وعدم تيقظ، ولا مقصد لهما إلا تعظيم جانب النبوة والولاية، ولو نبها لتنبها ورجعا، وأقرا بالخطأ. وكثيرا ما يعرض ذلك لأهل العلم والأدب والفطنة. وقد سمعنا ورأينا.
فمن وقف على شيء من هذا الجنس لحي من الأحياء فعليه إيقاظه بالحجج الشرعية، فإن رجع وإلا كان الأمر فيه كما أسلفنا. وأما إذا كان القائل قد صار تحت أطباق الثرى فينبغي إرشاد الأحياء إلى ما في ذلك الكلام من الخلل. وقد وقع في البردة والهمزية شيء كثير من هذا الجنس، ووقع أيضًا لمن تصدى لمدح نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ولمدح الصالحين والأئمة الهادين ما لا يأتي عليه الحصر، ولا يتعلق بالاستكثار منه فائدة، فليسر المراد إلا التنبيه والتحذير: {لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} (?)،