-[ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الحلم وكرم النفس والصبر والإغضاء عن حقوقه]-
(عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد) بن الأسود رضي الله تبارك وتعالى عنه قال اقبلت أنا وصاحبان لي قد ذهب أسماعنا وأبصارنا من الجهد (وفي رواية أصابنا جوع شديد) قال فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أحد يقبلنا قال فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله فإذا ثلاث أعنز (وفي رواية أربع أعنز) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتلبوا هذا اللبن بيننا، قال فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان نصيبه ونرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه فيجئ في الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان، ثم يأتي المسجد فيصلى ثم يأتي شرابه فيشربه، قال فأتاني الشيطان ذات ليلة فقال محمد يأتي الانصار فيتحفونه ويصيب عندهم، ما به حاجة إلى هذه الجرعة فاشربها، قال ما زال يزين لي حتى شربتا. فلما وغلت في بطني وعرفت أنه ليس إليها سبيل ندّمنى فقال ويحك ما صنعت: شربت شراب محمد فيجيئ ولا يراه فيدعو عليك فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك، قال وعلى شملة من صوف كلما رفعتها على رأسى خرجت قدماي، وإذ ارسلتها على قدمىّ خرج رأسي، وجعل لا يجيء لي نوم، قال ولما صاحباى فناما، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم ثم أتى المسجد فصلى فأتي شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا فرفع رأسه إلى السماء. قال قلت الآن يدعو علىّ فأهلك، فقال اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني قال فعمدت إلى الشملة فشددتها علىّ فأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز اجسهن ايهن اسمن فأذبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هنحَّفل كلهن فعمدت إلى أناء لآل محمد ما كانوا يطمعون أن يحلبوا فيه (وفي رواية أن يحتلبوا فيه) فحلبت فيه حتى علنه الرغوى ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أما شربتم شرابكم الليلة يا مقداد؟ قال قلت اشرب يا رسول الله، فشرب ثم ناولني فقلت يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني فأخذت ما بقى فشربت فلما عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روى فاصابتني دعوته ضحكت حتى القيت إلى الأرض قال