الروايات المطلقة عن الفراغ من الدفن وتسوية التراب بالمقيدة بهما (قال النووى) وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، قال وقال بعض أصحابنا: يحصل القيراط الثانى اذا ستر الميت فى القبر باللبن، وإن لم يلق عليه التراب؛ قال والصواب الأول (وذكر فى المجموع) خلافا لأصحاب الشافعى فى هذه المسألة ثم قال: والحاصل أن الأنصراف مراتب (احداها) ينصرف عقب الصلاة (الثانية) عقب وضعها فى القبر وسترها باللبن قبل اهالة التراب (الثالثة) ينصرف بعد اهالة التراب وفراغ القبر (الرابعة) يمكث عقب الفراغ ويستغفر للميت ويدعو له ويسأل له التثبيت، فالرابعة أكمل المراتب، والثالثة تحصل القيراطين، ولا تحصله الثانية على الأرجح، ويحصل بالأولى قيراط بلا خلاف اهـ (وفى حديث أبى هريرة) المذكور فى الشرح من رواية البزار ما يدل على أن القراريط أربعة لا اثنان كما أحاديث الباب (قال الحافظ) ونقل ابن الجوزي عن ابن عقيل أنه يقول القيراط نصف سدس درهم أو نصف عشر دينار، والأشارة بهذا المقدار إلى الأجر المتعلق بالميت فى تجهيز وغسله وجميع ما يتعلق به، فللمصلى عيه قيراط من ذلك، ولمن شهد الدفن قيراط، وذكر القيراط تقريبا للفهم لما كان الأنسان يعرف القراريط ويعمل العمل فى مقابلته وعد من جنس ما يعرف وضرب له المثل بما يعلم اهـ (قال الحافظ) وليس الذى قاله ببعيد، وقد روى الزار من طريق عجلان عن أبى هريرة مرفوعا "من أتى جنازة فى أهلها فله قيراط، فان تبعها فله قيراط، فان صلى عليها فله قيراط، فان انتظرها حتى تدفن فله قيراط" فهذا يدل على أن لكل عمل من أعمال الجنازة قيراطا، وان اختلفت مقادير القراريط ولا سيما بالنسبة إلى مشقة ذلك العمل وسهولته، وعلى هذا فيقال لإنما خص قيراطى الصلاة والدفن بالذكر لكونهما المقصودين بخلاف باقى أحوال الميت فأنها وسائل، ولكن هذا يخالف ظاهر سياق الحديث الذى فى صحيح "يعنى صحيح البخارى" المتقدم فى كتاب الايمان فان فيه أن لمن تبعها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها قيراطين فقط؛ ويجاب عن هذا بأن القيراطين المذكورين لمن شهد والذى ذكره ابن عقيل لمن باشر الأعمال التى يحتاج اليها الميت فافترقا (قال) وذهب الأكثر الى أن المراد بالقيراط فى أحاديث الباب جزء من أجزاء معلومة عند الله وقد قربها النبي (ص) للفهم بتمثيله القيراط بأحد (قال الطيي) قوله مثل أحد تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ القيراط، والمراد منه أنه يرجع بنصيب كبير من الأجر، وذلك لأن لفظ القيراط مبهم من وجهين فبين الموزون بقوله من الأجر وبين المقدار المراد منه بقوله مثل أحد (قال الزين بن المنير) أراد تعظيم الثواب فمثله للعيان بأعظم الجبال خلقا وأكثرها الى النفوس المؤمنة حباً لأنه الذى قال (ص) فى حقه (إنه جبل يحبنا ونحبه) اهـ. ولأنه أيضاً