أن لا يصلينَّ أحد العصر إلا فى بنى قريظة فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بنى قريظة وقال آخرون لا نصلى إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وان فاتنا الوقت، قال فما عنَّف واحدا من الفريقين، رواه مسلم (وفى لفظ للبخارى) أن النبى صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب قال، لا يصلينَّ أحد العصر إلا فى بنى قريظة، فأدرك بعضهم العصر فى الطريق، فقال بعضهم لا نصلى حتى نأتيها، وقال بعضهم بل نصلى لم يرد ذلك منا، فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم (الأحكام) حديثا الباب مع ما ذكرنا فى الشرح تدل على جواز صلاة الخوف بالأيماء إذا اشتد الخوف وخشى فوات الوقت سواء أكان ماشيا أم راكبا طالبا أو مطلوبا مستقبل القبلة أو غير مستقبلها، فان حصل هجوم من العدو وهم يصلون جاز لهم الدفاع بالقتال حال الصلاة وكذلك الكلام ان احتيج اليه (فان قيل) حديث عبد الله بن أنيس لا يتم الاستدلال به على جواز الصلاة عند شدة الخوف بالإيماء إلا على فرض أن النبى صلى الله عليه وسلم قرره على ذلك وإلا فهو فعل صحابى لا حجة فيه (قلت) ثبت عند البيهقى فى الدلائل أنه أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بخبره، ولابد أن النبى صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك وإلا لبيَّن عدم إقراره، وقد ترجم أبو داود لهذا الحديث فى سننه فقال (باب صلاة الطالب) وترجم البخارى فى صحيحه فقال (باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وايماء) قال وقال الوليد ذكرت للأوزاعى صلاة شرحبيل بن السمط وأصحابه على ظهر الدابة فقال كذلك الأمر عندنا اذا تخوف الفوت؛ واحتج الوليد بقول النبى صلى الله عليه وسلم "لا يصلينّ أحد العصر إلا فى بنى قريظة" اهـ ونقل الحافظ عن ابن المنذر أنه قال كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول إن المطلوب يصلى على دابته يومئ ايماء، وإن كان طالبا نزل فصلى على الارض (قال الشافعى) إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك، وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل بخلاف المطلوب، ووجه الفرق أن شدة الخوف فى المطلوب ظاهرة لتحقق السبب المقتضى لها؛ وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدو عليه، وإنما يخاف أن يفوته العدو، وما نقله ابن المنذر متعقب بكلام الأوزاعى فانه قيده بخوف الفوت ولم يستثن طالبا من مطلوب، وبه قال ابن حبيب من المالكية، وذكر أبو إسحاق الفزارى فى كتاب السير له عن الأوزاعى قال إذا خاف الطالبون إن نزلوا بالأرض فوت العدو صلوا حيث وجهوا على كل حال اهـ (قلت) وهو رواية عن الشافعى (قال الشوكانى) والظاهر أن مرجع هذا الخلاف إلى الخوف المذكور فى الآية فمن قيده بالخوف على النفس والمال من العدو فرق بين الطالب والمطلوب، ومن جعله أعم من ذلك لم يفرق بينهما، وجوز الصلاة المذكورة للراجل والراكب عند حصول أى خوف اهـ