نَفْسَهُ مِنْ الْحُكُومَةِ يَخْرُجُ، فَإِنْ حَكَمَ فُلَانٌ بِالرَّدِّ، ثُمَّ حَكَمَ بِالْقَتْلِ لَا يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إنْ كَانَ الْحَكَمُ رَجُلًا مُسْلِمًا إلَّا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ فَحُكْمُهُ جَائِزٌ إنْ حَكَمَ عَلَيْهَا بِقَتْلٍ أَوَسَبْيً أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ مَحْدُودٍ فِي الْقَذْفِ أَوْ أَعْمَى لَا يَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ حَكَّمُوا عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا حُرًّا قَدْ عَقَلَ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ، فَإِنْ نَزَلُوا مَعَ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِهِ بِجَعْلِ ذِمَّةٍ كَمَا لَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ حَكَّمُوا ذِمِّيًّا، فَحَكَمَ بِقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ جَازَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: فَإِنْ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يُحَكِّمُوا الذِّمِّيَّ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ بِقَتْلٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ يَجْعَلُهُمْ الْإِمَامُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ حَكَّمُوا امْرَأَةً جَازَ حُكْمُهَا فِي جَمِيعِ مَا حَكَمَتْ إلَّا أَنْ تَحْكُمَ بِقَتْلٍ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ.

وَلَا يَصْلُحُ لِلْحُكُومَةِ أَسِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَكَذَلِكَ تَاجِرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ فِي دَارِهِمْ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَسْلَمَ، وَهُوَ فِي دَارِهِمْ، كَذَلِكَ رَجُلٌ مِنْهُمْ هُوَ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا شَرَطُوا أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِشَيْءٍ، فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ، فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِشَيْءٍ رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ أَوْ شَرَطُوا أَنَّا نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ حَكَمَ فِينَا أَنْ تُبْلِغُونَا إلَى مَأْمَنِنَا أَمْضَيْتُمْ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُنْزِلُوهُمْ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَإِذَا أَنْزَلُوهُمْ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْحَكَمِ أَنْ يَحْكُمَ بِرَدِّهِمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَمَعَ هَذَا لَوْ أَنْزَلُوهُمْ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ إلَى مَأْمَنِهِمْ أَمْضَيْنَا حُكْمَهُ، وَنَرُدُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمِيرُ الْعَسْكَرِ إذَا أَمَّنَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ عَلَى أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا لِفُلَانٍ، وَرَضُوا بِذَلِكَ وَنَزَلُوا عَلَيْهِ، فَهُمْ فَيْءٌ لِمَنْ غَنِمَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُونُوا عَبِيدًا لِفُلَانٍ، وَإِنْ سَأَلُوا الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِمْ الْأَمَانُ؛ فَإِنْ قَبِلُوا، وَإِلَّا رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ، فَعَلَى الْإِمَامِ ذَلِكَ، وَلَوْ نَزَلُوا عَلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامُ، فَعُرِضَ فَأَبَوْا، فَلَهُمْ اللِّحَاقُ بِحِصْنِهِمْ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ قَتْلُهُمْ وَسَبْيُ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَلَوْ رَضُوا بِأَدَاءِ الْخَرَاجِ لَزِمَهُمْ، وَلَا يُجْلَوْنَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ فُلَانٌ فَافْتُتِحَتْ الْقَلْعَةُ بَعْدَ انْفِصَالِهِمْ مِنْهَا، وَقُتِلَ مَنْ فِي الْقَلْعَةِ فَمَنْ نَزَلَ، فَعَلَى مَا نَزَلَ، فَإِنْ كَانُوا شَرَطُوا رَدَّهُمْ إلَى الْحِصْنِ إنْ لَمْ يَرْضَوْا، وَقَدْ هُدِمَتْ الْقَلْعَةُ رُدُّوا إلَى أَدْنَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُونَ فِيهِ.

فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْحِصْنِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى نُزُولِ هَؤُلَاءِ بِهَذَا الصُّلْحِ لَمْ يَقْتُلْ الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الْقَلْعَةِ، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ أَسَاءُوا وَإِذَا نَزَلُوا عَلَى أَنْ يَحْكُمَ الْوَالِي بِنَفْسِهِ فِيهِمْ، فَهُوَ كَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، وَلَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ فُلَانٍ، فَهَذَا وَمَا لَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ حُكْمُ الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: إلَّا أَنْ يَرْضَى الْفَرِيقَانِ بِحُكْمِهِ قَالَ ثَمَّةَ: وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحُكْمِ، وَهُمَا حَيَّانِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْفَرِيقَانِ بِحُكْمِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ حَكَمَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ بِقَتْلِ الْمُقَاتِلَةِ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ، وَحَكَمَ الْآخَرُ بِسَبْيِ الْكُلِّ، فَإِنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ، وَيَكُونُونَ فَيْئًا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ جَمِيعًا، وَلَوْ حَكَمَا جَمِيعًا بِقَتْلِ مُقَاتِلِيهِمْ وَسَبْيِ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ كَانَ الْإِمَامُ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ الْكُلَّ فَيْئًا وَإِذَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمُّوهُ، فَذَلِكَ إلَى الْإِمَام يَتَخَيَّرُ أَفْضَلَهُمْ وَإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ التَّحْكِيمِ قَبْلَ إمْضَاءِ الْحُكْمِ فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ صَيَّرَهُمْ الْحُكْمُ ذِمَّةً قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَالْأَرْضُ لَهُمْ خَرَاجِيَّةٌ وَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِقَتْلِ قُوَّادٍ مِنْهُمْ يَخَافُ غَدْرَهُمْ وَسَبْىِ الْبَاقِي مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلِ الرِّجَالِ وَسَبْيِ النِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ فَقَتَلَ الرِّجَالَ وَسَبَى النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ، فَالْأَرْضُ فَيْءٌ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ خَمَّسَهَا، وَقَسَّمَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.

وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا فِي يَدِ الْوَالِي وَدَعَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015