ذَلِكَ، فَقَدْ أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالرِّقِّ، وَالْحَرْبِيُّ إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَحْصُورِ إذَا اسْتَأْمَنَ عَلَى أَنْ يَنْزِلَ إلَى الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ لِبَاسُهُ وَسِلَاحُهُ الَّذِي لَبِسَهُ وَمَرْكَبُهُ وَمَا خَرَجَ بِهِ مَعَهُ مِنْ وَرِقٍ أَوْ دَنَانِيرَ نَفَقَتُهُ فِي حُقُوقِهِ اُسْتُحْسِنَ ذَلِكَ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَيْءٌ، ثُمَّ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ مِنْ سِلَاحِهِ وَثِيَابِهِ سِلَاحُ مِثْلِهِ وَثِيَابُ مِثْلِهِ حَتَّى لَوْ تَنَكَّبَ بِقِسِيٍّ أَوْ تَقَلَّدَ بِسُيُوفٍ أَوْ ظَاهَرَ بَيْنَ الْأَقْبِيَةِ أَوْ الْعَمَائِمِ حَتَّى جَعَلَهَا كَالْكَارَّةِ عَلَى رَأْسِهِ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَكُونُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .
إذَا أَرْسَلَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ رَسُولًا إلَى أَمِيرِ حِصْنٍ فِي حَاجَةٍ، فَذَهَبَ الرَّسُولُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَلَمَّا بَلَّغَ الرِّسَالَةَ قَالَ: إنَّهُ أَرْسَلَ عَلَى لِسَانِي إلَيْكَ الْأَمَانَ لَك وَلِأَهْلِ مَمْلَكَتِكَ فَافْتَحْ الْبَابَ، وَأَتَاهُ بِكِتَابٍ زَوَّرَهُ، وَافْتَعَلَهُ عَلَى لِسَانِ الْأَمِيرِ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَوْلًا وَحَضَرَ الْمَقَالَةَ نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ، وَجَعَلُوا يَسْبُونَ فَقَالَ أَمِيرُ الْحِصْنِ: إنَّ رَسُولَكُمْ أَخْبَرَنَا أَنَّ أَمِيرَكُمْ أَمَّنَنَا، وَشَهِدَ أُولَئِكَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَقَالَتِهِ فَالْقَوْمُ آمِنُونَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ مَا أُخِذَ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَاهُمْ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ رَجُلًا لَيْسَ بِرَسُولٍ، وَلَكِنَّهُ افْتَعَلَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ كِتَابًا فِيهِ أَمَانُهُمْ وَدَخَلَ بِهِ إلَيْهِمْ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ قَوْلًا وَقَالَ: إنِّي رَسُولُ الْأَمِيرِ وَرَسُولُ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ فَيْءٌ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْبَلَ مَقَالَتَهُمْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ أَنَّ رَسُولَ الْأَمِيرِ حِينَ بَلَّغَ رِسَالَةَ الْأَمِيرِ لِحَاجَةٍ، فَقَالَ: إنَّ فُلَانًا الْقَائِدَ قَدْ أَمَّنَكُمْ، وَأَرْسَلَنِي بِذَلِكَ وَإِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى بَابِ الْأَمِيرِ أَمَّنُوكُمْ وَإِنِّي كُنْتُ أَمَّنْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ عَلَيْكُمْ وَنَادَيْتُكُمْ، وَشَهِدَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ فَيْءٌ أَجْمَعُونَ إذَا كَانَ مَا أَخْبَرَ بِهِ كَذِبًا، وَلَوْ أَرْسَلَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي حَاجَةٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ مَنْ أَرْسَلَهُ أَمَّنَهُمْ، فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْإِمَامُ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا أَمَرَ الذِّمِّيَّ أَنْ يُؤَمِّنَهُمْ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: أَمِّنْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ الذِّمِّيُّ: أَمَّنْتُكُمْ أَوْ قَالَ: إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ، فَهُوَ سَوَاءٌ وَصَارُوا آمِنِينَ، وَإِنْ قَالَ لَهُ: قُلْ إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ فَقَالَ لَهُمْ الذِّمِّيُّ: إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ، فَهُمْ آمِنُونَ وَإِنْ قَالَ لَهُمْ: قَدْ أَمَّنْتُكُمْ فَهُوَ بَاطِلٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ حَاصَرَ الْمُسْلِمُونَ حِصْنًا فَقَالَ أَمِيرُهُمْ لِأَهْلِ الْحِصْنِ مَتَى أَمَّنْتُكُمْ، فَأَمَانِي بَاطِلٌ أَوْ فَلَا أَمَانَ لَكُمْ، أَوْ قَدْ نَبَذْتُ إلَيْكُمْ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ فَأَمَانُهُ بَاطِلٌ، وَلَوْ أَمَرَ الْأَمِيرُ مُنَادِيًا، فَنَاي فِي الْعَسْكَرِ مَنْ أَمَّنَ مِنْكُمْ أَهْلَ الْحِصْنِ فَأَمَانُهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ مُسْلِمٌ فَأَمَانُهُ جَائِزٌ، وَلَوْ أَمَرَ بِأَنْ يُنَادَى أَهْلُ الْحِصْنِ أَوْ كَتَبَ أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ إنْ أَمَّنَكُمْ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا تَعْتَمِدُوا بِأَمَانِهِ، فَإِنَّ أَمَانَهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ رَجُلٌ فَنَزَلُوا عَلَى أَمَانِهِ، فَهُمْ فَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ: لَا أَمَانَ لَكُمْ إنْ أَمَّنَكُمْ رَجُلٌ مُسْلِمٌ حَتَّى أُؤَمِّنَكُمْ أَنَا، ثُمَّ أَتَاهُمْ مُسْلِمٌ، وَقَالَ: إنِّي رَسُولُ الْأَمِيرِ إلَيْكُمْ، فَقَدْ أَمَّنَكُمْ، فَنَزَلُوا عَلَى ذَلِكَ، فَهُمْ آمِنُونَ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ الْأَمِيرُ: لَا أَمَانَ لَكُمْ إنْ أَمَّنَكُمْ مُسْلِمٌ أَوْ أَتَاكُمْ بِرِسَالَةٍ مِنِّي حَتَّى أُؤَمِّنُكُمْ بِنَفْسِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَهُمْ فَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ رَسُولًا لِيُبَلِّغَهُمْ فَفَعَلَ، فَهُمْ آمِنُونَ، وَلَوْ قَالَ لَهُمْ: إذَا أَمَّنْتُكُمْ فَأَمَّانِي بَاطِلٌ، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ كَانَ ذَلِكَ أَمَانًا صَحِيحًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا حَاصَرَ الْمُسْلِمُونَ حِصْنًا أَوْ مَدِينَةً مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَطَلَبُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ أَنْزَلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَعْرِضَ الْإِسْلَامَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَسْلَمُوا كَانُوا أَحْرَارًا يُسَلِّمُ لَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَتَصِيرُ دَارُهُمْ دَارَ الْإِسْلَامِ، وَيَكُونُ فِي أَرْضِهِمْ الْعُشْرُ، فَإِنْ أَبَوْا الْإِسْلَامَ جَعَلَهُمْ ذِمَّةً وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ، وَلَا يُسْتَرَقُّونَ، وَلَا يُقْتَلُونَ، وَلَا يَرُدُّونِ إلَى مَأْمَنِهِمْ، وَلَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِهِ جَازَ، فَإِنْ حَكَمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِيهِمْ بِقَتْلٍ أَوَسَبْي أَوْ أَنْ يَصِيرُوا ذِمَّةً جَازَ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَإِنْ حَكَمَ بِالرَّدِّ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ أَوْ قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ صَارُوا كَمَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ أَخْرَجَ