بَاطِلَةٌ وَلَوْ قَالَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ أَوْ الْقَاضِي إنِّي اسْتَأْجَرْتُهُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي، فَالْأَجْرُ كُلُّهُ فِي مَالِهِ، وَلَوْ قَالَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إنْ قَتَلْتَ ذَلِكَ الْفَارِسَ، فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ كَانُوا قَتْلَى، فَقَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَطَعَ رُءُوسَهُمْ فَلَهُ أَجْرُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ وَحَمْلُ رُءُوسِ الْكُفَّارِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. .
عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُحَسِّنَ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ وَيُعَيِّنَ جُيُوشًا عَلَى بَابِ الثُّغُورِ لِيَمْنَعُوا الْكُفَّارَ عَنْ الْوُقُوفِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَقْهَرُوهُمْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِذَا بَعَثَ جَيْشًا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا، وَإِنَّمَا يُؤَمِّرُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَكُونُ صَالِحًا لِذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ حَسَنَ التَّدْبِيرِ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ وَرِعًا مُشْفِقًا عَلَيْهِمْ سَخِيًّا شُجَاعًا، وَإِذَا أَمَّرَ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُوصِيَهُ بِهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَبَعْدَ مَا اجْتَمَعَ شَرَائِطُ الْإِمَارَةِ فِي إنْسَانٍ، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَمِّرَهُ قُرَشِيًّا كَانَ أَوْ عَرَبِيًّا أَوْ نَبَطِيًّا مِنْ الْمَوَالِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .
وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ الْفَاسِقَ إذَا كَانَ لَهُ تَدْبِيرٌ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِذَا أَمَرَ الْأَمِيرُ الْعَسْكَرَ بِشَيْءٍ كَانَ عَلَى الْعَسْكَرِ أَنْ يُطِيعُوهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ مَعْصِيَةً بِيَقِينٍ
(ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) إنْ عَلِمَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ بِيَقِينٍ بِأَنْ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا فِي الْحَالِ مَثَلًا، وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِتَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْحَالِ بِأَنْ عَلِمُوا بِيَقِينٍ أَنَّهُمْ لَا يُطِيقُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ، وَعَلِمُوا أَنَّ لَهُمْ مَدَدًا يَلْحَقُهُمْ فِي الثَّانِي مَتَى كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ تَرْكُ الْقِتَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْعَسْكَرِ بِيَقِينٍ فَيُطِيعُونَهُ فِيهِ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِتَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْحَالِ بِيَقِينٍ بِأَنْ عَلِمُوا أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يُطِيقُونَهُمْ فِي الْحَالِ، وَعَسَى أَنْ يَلْحَقَهُمْ مَدَدٌ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُطِيعُونَهُ فِيهِ، وَإِنْ شَكُّوا فِي ذَلِكَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ أَوْ يَتَضَرَّرُونَ بِهِ، وَاسْتَوَى الطَّرَفَانِ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَهُمْ بِالْقِتَالِ مَعَ الْعَدُوِّ، إنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ بِيَقِينٍ أَوْ شَكُّوا فِيهِ وَاسْتَوَى الطَّرَفَانِ أَطَاعُوهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ بِيَقِينٍ بَلْ يَتَضَرَّرُونَ لَا يُطِيعُونَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فِيهِ الْهَلَكَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فِيهِ النَّجَاةُ، وَشَكُّوا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الظَّنَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَانَ عَلَيْهِمْ إطَاعَتُهُ.
وَإِذَا أَمَرَ الْأَمِيرُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ بِشَيْءٍ، فَعَصَى فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، فَالْأَمِيرُ لَا يُؤَدِّبُهُ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ وَلَكِنْ يَنْصَحُهُ حَتَّى لَا يَعُودَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ إبْلَاءً لِلْعُذْرِ، فَإِنْ عَصَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَدَّبَهُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ فِي ذَلِكَ عُذْرًا، فَحِينَئِذٍ يُخَلِّي سَبِيلَهُ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَقَدْ فَعَلْتُ هَذَا بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَا يَمْنَعُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ، فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ، وَإِذَا جَعَلَ الْإِمَامُ السَّاقَةَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَالْمَيْمَنَةَ كَذَلِكَ وَالْمَيْسَرَةَ كَذَلِكَ فَشَدَّ الْعَدُوُّ عَلَى السَّاقَةِ، فَلَا بَأْسَ لِأَهْلِ الْمَيْمَنَةِ وَالْمَيْسَرَةِ أَنْ يُعِينُوهُمْ إذَا خَافُوا عَلَيْهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِمَرَاكِزِهِمْ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يُخِلُّ ذَلِكَ بِمَرَاكِزِهِمْ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعِينُوا أَهْلَ السَّاقَةِ، وَإِنْ أَمَرَهُمْ الْأَمِيرُ أَنْ لَا يَبْرَحُوا عَنْ مَرَاكِزِهِمْ. وَنَهَى أَنْ يُعِينَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعِينُوا أَهْلَ السَّاقَةِ، وَإِنْ أَمِنُوا مِنْ نَاحِيَتِهِمْ وَخَافُوا عَلَى أَهْلِ السَّاقَةِ، وَإِذَا نَهَى الْإِمَامُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْعِلَافَةِ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا أَهْلُ الْمَنَعَةِ وَغَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا نَهَاهُمْ عَنْ الْخُرُوجِ أَنْ يَبْعَثَ قَوْمًا مِنْ الْجَيْشِ لِلْعِلَافَةِ، وَيُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا يَعْتَلِفُونَ لِلْجَيْشِ، فَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَبْعَثْ أَحَدًا، وَأَصَابَ الْجَيْشُ ضَرُورَةً مِنْ الْعَلَفِ، وَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَشْتَرُونَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجُوا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ عِصْيَانُ الْأَمِيرِ، وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ: لَا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ إلَى الْعَلَفِ إلَّا تَحْتَ لِوَاءِ فُلَانٍ، فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُرَاعُوا شَرْطَهُ، وَلَا يَخْرُجُونَ إلَّا تَحْتَ لِوَائِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلْعَلَفِ، فَلْيَخْرُجْ تَحْتَ لِوَاءِ فُلَانٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ