مِنْهُمْ مَا اخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى التَّضْمِينِ أَوْ الِاسْتِسْعَاءِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ فَإِنْ كَانَ الْإِعْتَاقُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ يُؤْخَذُ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ تَرِكَتِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ مَرَضِهِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ لِلْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَأَرَادَ السَّاكِتُ أَنْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ ذَلِكَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الزِّيَادَاتِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ حَتَّى وَجَبَتْ السِّعَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ فَأَبَى أَنْ يَسْعَى فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ وَالْحُكْمُ فِي حَقِّ هَذَا أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ وَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ أَوْ لَهُ عَمَلٌ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ يُؤَاجِرُ مِنْ رَجُلٍ وَيُؤْخَذُ أَجْرَهُ وَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدٌ صَغِيرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَعْقِلُ وَرَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَجْرُ لِلَّذِي لَمْ يُعْتِقْ قِصَاصًا مِنْ حَقِّهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَهُ الِاسْتِسْعَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
الْمُضَارِبُ بِالنِّصْفِ إذَا اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ وَهِيَ أَلْفٌ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ فَأَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ عَتَقَا وَضَمِنَ نَصِيبَ الْمُضَارِبِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي عَبْدَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَهُوَ فَقِيرٌ، ثُمَّ اسْتَغْنَى ثُمَّ اخْتَارَ إيقَاعَ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِهِمَا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ وَقَدْ اسْتَغْنَى قَبْلَ الْمَوْتِ ضَمِنَ رُبْعَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْتَبِرُ الْقِيمَةَ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.
وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَاخْتَارَ بَعْضُ السَّاكِتِينَ السِّعَايَةَ فِي نَصِيبِهِ وَبَعْضُهُمْ الْإِعْتَاقَ وَبَعْضُهُمْ الضَّمَانَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اخْتَارَ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَبْدٍ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ بَعْدَهُ فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ اسْتَسْعَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ الثَّانِيَ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُعْتِقَ، وَإِنْ شَاءَ دَبَّرَ، وَإِنْ شَاءَ كَاتَبَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ الثَّانِيَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ وَكَاتَبَ الْآخَرُ، وَدَبَّرَ الثَّالِثُ مَعًا فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ الرُّجُوعُ وَإِذَا دَبَّرَ أَحَدُهُمْ أَوَّلًا، ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي، ثُمَّ كَاتَبَ الْآخَرُ ثَبَتَ لِلْمُدَبِّرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعْتَقِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَكَاتِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ، فَإِنْ دَبَّرَ، ثُمَّ كَاتَبَ، ثُمَّ أَعْتَقَ فَحُكْمُ الْمُدَبِّرِ وَالْمُعْتِقِ مَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا الْمَكَاتِبُ إنْ عَجَزَ الْعَبْدُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ، وَإِنْ كَاتَبَ أَوَّلًا، ثُمَّ دَبَّرَ أَعْتَقَ فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ الْعَبْدُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَبِّرِ بِثُلُثِ قِيمَتِهِ لَا عَلَى الْمُعْتِقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الثَّانِي، وَهُمَا مُوسِرَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَدْبِيرُ الْمُدَبَّرِ يَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ وَالْإِعْتَاقُ مِنْ الثَّانِي صَحِيحٌ، ثُمَّ لِلسَّاكِتِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُدَبِّرَ ثُلُثَ قِيمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُدَبِّرُ فَلِلْمُدَبِّرِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ فَيَسْعَى لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا كَانَ الْمُدَبِّرُ مُعْسِرًا فَلِلسَّاكِتِ الِاسْتِسْعَاءُ دُونَ التَّضْمِينِ، ثُمَّ السَّاكِتُ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُدَبِّرِ كَانَ ثُلُثَا