الْمُكَاتَبَةُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ جَازَتْ، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ تَجُوزُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ كَاتَبَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا جَازَتْ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا يُطْرَحُ عَنْهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ عَلَى الْعُرُوضِ جَازَتْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْحَيَوَانِ جَازَتْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عُرُوضٍ وَعَجَزَ عَنْ الْكِتَابَةِ سَقَطَ عَنْهُ الْتِزَامُهُ مِنْ الْعُرُوضِ وَيُجْبَرُ عَلَى السِّعَايَةِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الشَّرِيكَ شَيْئًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ كَانَ شَرِيكُ الْمُعْتِقِ فِي الْعَبْدِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ أَوْ وَصِيٌّ فَوَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءَ كَاتَبَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يُدَبِّرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الضَّمَانِ وَالسِّعَايَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ الْإِعْتَاقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْخِيَارُ لِلْمَوْلَى فَإِنْ اخْتَارَ الشَّرِيكُ السِّعَايَةَ فَفِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْوَلَاءُ لَهُمَا وَفِي الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ الْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ أَبٌ وَلَا وَصِيُّ الْأَبِ، وَلَهُ وَصِيٌّ وَكَانَ الْعَبْدُ مِمَّا وَرِثَهُ الصَّغِيرُ عَنْ الْأُمِّ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ أَبِي مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ أُسْتَاذِي الْفَقِيهَ أَبَا بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إذَا كَانَ لَهُ وَصِيُّ أُمٍّ وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ غَيْرُهُ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ، وَلَهُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِسْعَاءُ فِي مَعْنَى الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ أَنْ يُكَاتِبَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلِيٌّ وَلَا وَصِيٌّ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ نَصَّبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَخْتَارُ لَهُمَا أَصْلَحَ الْأُمُورِ مِنْ التَّضْمِينِ وَالِاسْتِسْعَاءِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاكِمٌ وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيُفِيقُ الْمَجْنُونُ فَيَسْتَوْفِيَانِ حُقُوقَهُمَا مِنْ الْخِيَارَاتِ الْخَمْسِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ السَّاكِتُ شَيْئًا وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ فَأَرَادَ تَضْمِينَ الْمُعْتِقِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ كَسْبًا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِلسَّاكِتِ تَضْمِينُ الْمُعْتِقِ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ السِّعَايَةَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَاكِمُ أَبُو نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَصْلِ هَذَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ السَّاكِتُ شَيْئًا أَوْ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَمَّا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ السِّعَايَةَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ إنْ تَرَكَ الْعَبْدُ كَسْبًا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْعَبْدُ كَسْبًا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بَقِيَتْ السِّعَايَةُ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ أَوْ تَبَرَّعَ مِنْهُ مُتَبَرِّعٌ بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ أَوْ يُبْرِئُهُ السَّاكِتُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُعْتِقُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتَقِ بِمَا ضَمِنَهُ فِي تَرِكَةِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَرَكَ مَالًا قَدْ اكْتَسَبَ بَعْضَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْضَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَمَا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ نِصْفَيْنِ وَمَا اُكْتُسِبَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَهُوَ تَرِكَةُ الْعَبْدِ فَيَرْجِعُ فِيهِ السَّاكِتُ أَوْ الْمُعْتِقُ إذَا ضَمِنَ وَمَا بَقِيَ مِيرَاثٌ لِلْمُعْتِقِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هَذَا مِمَّا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَهُوَ بَيْنَنَا، وَقَالَ الْآخَرُ اكْتَسَبَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اكْتَسَبَهُ بَعْدَهُ وَمَنْ ادَّعَى فِيهِ تَارِيخًا سَابِقًا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا مَاتَ السَّاكِتُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَخْتَارُوا الْإِعْتَاقَ أَوْ الضَّمَانَ أَوْ السِّعَايَةَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ ضَمِنُوا الْمُعْتَقَ فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ، وَإِنْ اخْتَارُوا الْإِعْتَاقَ أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ فَالْوَلَاءُ فِي هَذَا النَّصِيبِ لِلذُّكُورِ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ السِّعَايَةَ، وَبَعْضُهُمْ الضَّمَانَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015