لِنَصِيبِهَا مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا مِنْ التَّرِكَةِ أَمَانَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي أَيْدِيهِمْ وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ فَإِنْ صَارَ نَصِيبُهَا مَضْمُونًا عَلَى الْوَرَثَةِ بِأَنْ كَانُوا جَاحِدِينَ لِلتَّرِكَةِ أَوْ مُقِرِّينَ إلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا مَانِعِينَ نَصِيبَهَا مِنْ التَّرِكَةِ الْآنَ لَا يُحْتَاجُ إلَى قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَصْبِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى قَبْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ لَا غَيْرُ.

وَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَتْ مِثْلَ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى الْعَرْضُ خَالِيًا عَنْ الْعِوَضِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَا أَخَذَتْ أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى الْعَرْضُ مَعَ بَعْضِ الدَّرَاهِمِ خَالِيًا عَنْ الْعِوَضِ فَتَعَذَّرَ تَجْوِيزُ هَذَا الصُّلْحِ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ وَتَعَذَّرَ تَجْوِيزُهُ بِطَرِيقِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ عَيْنٌ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ. قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّمَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ عَلَى مِثْلِ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ حَالَةَ التَّصَادُقِ، وَأَمَّا حَالَةَ الْمُنَاكَرَةِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْمُنَاكَرَةِ الْمُعْطِي يُعْطِي الْمَالَ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَتَفْدِيَةِ يَمِينِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الرِّبَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَرَكَهَا الزَّوْجُ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ صَحِيحٌ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَتْ الْعِبْرَةُ لِجَانِبِ الْفَسَادِ.

وَإِنْ صُولِحَتْ عَلَى عَرْضٍ أَوْ دَنَانِيرَ جَازَ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ الرِّبَا فِي خِلَافِ الْجِنْسِ وَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَإِنْ كَانَتْ تَرِكَةُ الزَّوْجِ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضًا فَصُولِحَتْ عَلَى دَنَانِيرَ فَهُوَ عَلَى التَّفَاصِيلِ الَّتِي قُلْنَا فِي الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ صُولِحَتْ عَلَى دَرَاهِمَ جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَعُرُوضٌ فَصُولِحَتْ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى دَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ حَتَّى يَكُونَ الْمِثْلُ بِالْمِثْلِ مِنْ النَّقْدِ وَالْبَاقِي بِإِزَاءِ الْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ لِلْآخَرِ، وَإِنْ صُولِحَتْ عَلَى دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيُصْرَفُ الْجِنْسُ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ وَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، إلَّا أَنَّ مَا يَخُصُّ الدَّرَاهِمَ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَمَا يَخُصُّ الدَّنَانِيرَ مِنْ الدَّرَاهِمِ صَرْفٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ وَمَا يَخُصُّ الْعُرُوضَ لَيْسَ بِصَرْفٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ مُسْتَقِيمَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْرِفُ الْجِنْسَ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ.

فَالثِّقَةُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ أَنْ يُصَالِحُوهَا مِنْ جَمِيعِ نَصِيبِهَا مِنْ جَمِيعِ تَرِكَةِ الزَّوْجِ عَلَى عَرْضٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ لَا يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ حِصَّتِهَا مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ جَوَازَ هَذَا الصُّلْحِ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ هَذَا بَيْعٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَبَيْعُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مِقْدَارَهُ إذَا كَانَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ جَائِزٌ، أَلَا يَرَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ شَيْئًا ثُمَّ إنَّ الْمُقِرَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَا لَا يَعْرِفَانِ مِقْدَارَهُ كَذَا هُنَا، فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مَجْهُولَةً لَا يُدْرَى مَا هِيَ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015