بِالدَّيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ: أَحْضِرْ شَاهِدَيْنِ أُشْهِدْهُمَا عَلَى قَوْلِك، أَوْ أَشْهِدْ شَاهِدًا وَاحِدًا سِوَايَ، حَتَّى لَوْ جَاءَ الْغَرِيمُ بَعْدُ فَالشَّاهِدَانِ لَهُ يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ أَوْ يَشْهَدُ الْوَصِيُّ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ، ثُمَّ يَقْضِي الْوَصِيُّ دَيْنَهُ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ ضَمَانًا عَلَى الْوَصِيِّ، وَقَالُوا: إنَّك قَضَيْت دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَى الْمَيِّتِ فَصِرْت ضَامِنًا، وَأَنْكَرَ الْوَصِيُّ الضَّمَانَ وَأَرَادَتْ الْوَرَثَةُ اسْتِحْلَافَ الْوَصِيِّ - فَالْقَاضِي لَا يَسْتَحْلِفُ الْوَصِيَّ بِاَللَّهِ مَا قَضَيْت نَظَرًا لِلْوَصِيِّ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَالَهُمْ قِبَلَك مَا يَدَّعُونَ مِنْ الضَّمَانِ عَلَيْك، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ: قَبَضْت مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ الْأَلْفَ الَّذِي كَانَ لِي عَلَيْهِ، وَغُرَمَاءُ الْمَيِّتِ قَالُوا: لَا بَلْ قَبَضْت مِنْهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَلَنَا حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا قَبَضْت مِنْهُ قَالُوا: إنْ كَانَ الْأَلْفُ الْمَقْبُوضُ قَائِمًا شَارَكُوهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ حَادِثٌ فَيُحَالُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ حَالَةُ الْمَرَضِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ هَالِكًا لَا شَيْءَ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ قِبَلَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُصْرَفُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ بِنَوْعٍ ظَاهِرٍ وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِإِيجَابِ الضَّمَانِ فَحَالَ قِيَامُ الْأَلْفِ هُوَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ سَلَامَةَ الْمَقْبُوضِ وَالْغُرَمَاءُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ كَانَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ فَلَا يَصْلُحُ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْمَقْبُوضِ حَاجَةُ الْغُرَمَاءِ إلَى إيجَابِ الضَّمَانِ وَلَا يَصْلُحُ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُمْ.
وَصِيٌّ عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ وَالْمَيِّتُ أَوْصَى بِوَصَايَا فَيُرِيدُ الْوَصِيُّ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا عَلَيْهِ قَالُوا: يُنْفِذُ وَصَايَا الْمَيِّتِ أَوْ يَقْضِي دُيُونَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ قِصَاصًا بِمَا عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الْقِصَاصَ حِينَ يَقْضِي فَيَقُولَ: أَقْضِي مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَصِيرَ قِصَاصًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْوَصِيُّ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ إذَا قَبَضَ دَيْنًا لِلْيَتِيمِ يَنْظُرُ إنْ كَانَ مَوْرُوثًا لِلصَّغِيرِ أَوْ وَجَبَ بِعَقْدِ الْوَصِيِّ عَقْدًا لَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ فِيهِ إلَى الْعَاقِدِ لَا يَصِحَّ وَلَا يَبْرَأْ الْمَدْيُونُ، وَإِنْ وَجَبَ بِعَقْدِ الْوَصِيِّ عَقْدًا تَرْجِعُ فِيهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْعَاقِدِ يَصِحَّ قَبْضُهُ وَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْقَاضِيَ هَلْ يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُخْرِجُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَيْنًا أَنَّهَا لَهُ فَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ يَدِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إمَّا أَنْ تُبَرِّئَهُ عَنْ الَّذِي تَدَّعِي أَوْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ وَإِلَّا أَخْرَجْتُك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّانِيَ وَصِيًّا وَصَارَ الْأَوَّلُ خَارِجًا عَنْ الْوِصَايَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَعَادَ الْأَوَّلَ إلَى الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قَضَى دَيْنَهُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِي خَاصَّةً وَلَا يُخْرِجُ الْوَصِيَّ عَنْ الْوِصَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
مَيِّتٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَهُ وَصِيٌّ وَابْنٌ صَغِيرٌ فَأَدْرَكَ الِابْنُ ثُمَّ قَبَضَ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ جَازَ قَبْضُهُ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ حِينَ بَلَغَ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ.
رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ دَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَمَّا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ وَأَمْرِ الْوَارِثِ وَإِذَا أَرَادَ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ قَضَاءَ دِينِ الْمَيِّتِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَقُولُ عِنْدَ الْقَاضِي: هَذَا الْأَلْفُ الَّذِي لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيَّ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَضَى الْأَلْفَ عَنْ الْمَيِّتِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّ مُسْتَوْدَعًا قَضَى دَيْنَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ قَضَاءَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ وَيُسَلِّمُ الْمَقْبُوضَ إلَى الْقَابِضِ.
مَيِّتٌ أَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ وَتَرَكَ مَالًا وَلِلْمَرْأَةِ عَلَيْهِ مَهْرُهَا إنْ تَرَكَ الْمَيِّتَ صَامِتًا مِثْلَ مَهْرِهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَهْرَهَا مِنْ الصَّامِتِ؛ لِأَنَّهَا ظَفِرَتْ بِجِنْسِ حَقِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ صَامِتًا كَانَ لَهَا أَنْ تَبِيعَ مَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْبَيْعِ وَتَسْتَوْفِي صَدَاقَهَا مِنْ الثَّمَنِ.
مَدْيُونٌ مَاتَ وَرَبُّ الدَّيْنِ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْوَرَثَةِ.
رَجُلٌ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَلَمْ يُوصِ إلَى