قَطَعَهُ وَخَاطَهُ أَوْ بِقُطْنٍ فَغَزَلَهُ أَوْ بِغَزْلٍ فَنَسَجَهُ أَوْ بِحَدِيدٍ فَاتَّخَذَهُ إنَاءً فَهُوَ رُجُوعٌ. وَلَوْ أَوْصَى بِسَوِيقِ فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ بِدَارٍ فَبَنَى فِيهَا أَوْ بِقُطْنٍ فَحَشَا بِهِ أَوْ بِبِطَانَةٍ فَبَطَّنَ بِهَا قَبَاءً أَوْ بِظِهَارَةٍ فَظَهَّرَ بِهَا ثَوْبًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَالْوَصِيَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: فِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ جَمِيعًا، وَفِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ، وَفِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ مِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُهُ بِهِمَا جَمِيعًا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ لِرَجُلٍ فَسْخُهَا مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ أَنْ يَقُولَ: فَسَخْت الْوَصِيَّةَ أَوْ رَجَعْت وَمِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُعْتِقَهُ أَوْ يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ بِهِمَا هُوَ التَّدْبِيرُ الْمُطْلَقُ، وَاَلَّذِي يَجُوزُ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِرُبُعِهِ لَوْ رَجَعَ عَنْهُ يَجُوزُ. وَلَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَتَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، وَاَلَّذِي يَجُوزُ مِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ هُوَ التَّدْبِيرُ الْمُقَيَّدُ لَوْ رَجَعَ بِالْفِعْلِ يَصِحُّ بِأَنْ يَبِيعَهُ وَلَا يَصِحُّ بِالْقَوْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا أَوْصَى بِتِبْرِ فِضَّةٍ ثُمَّ صَاغَ مِنْهُ قَلْبًا أَوْ خَاتَمًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ كَانَ رُجُوعًا، وَهَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - ظَاهِرٌ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ رُجُوعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ.
وَذَبْحُ الشَّاةِ الْمُوصَى بِهَا رُجُوعٌ وَغَسْلُ الثَّوْبِ الْمُوصَى بِهِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا.
وَمَنْ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ لَمْ يَكُنْ جُحُودُهُ رُجُوعًا كَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ رُجُوعٌ قِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْجُحُودَ كَانَ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُوصَى لَهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْجُحُودَ كَانَ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمُوصَى لَهُ وَعِنْدَ حَضْرَتِهِ يَكُونُ رُجُوعًا، وَقِيلَ: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَلَوْ قَالَ: كُلُّ وَصِيَّةٍ أَوْصَيْتُ بِهَا لِفُلَانٍ فَهِيَ حَرَامٌ أَوْ رِبًا؛ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: فَهِيَ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ فَقِيلَ لَهُ: إنَّك تَبْرَأُ فَأَخِّرْ الْوَصِيَّةَ فَقَالَ: أَخَّرْتُهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: اُتْرُكْهَا، فَقَالَ: تَرَكْتهَا - كَانَ رُجُوعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ فَهُوَ رُجُوعٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: فَهُوَ لِفُلَانٍ وَارِثِي فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى وَتَكُونُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ ثُمَّ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَجَازُوا وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوا، وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ الْآخَرُ مَيِّتًا حِينَ أَوْصَى فَالْوَصِيَّةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا، وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ حِينَ قَالَ ذَلِكَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ قَبْل مَوْتِ الْمُوصِي فَهُوَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّتَيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ آجَرَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِحَدِيدَةٍ ثُمَّ اتَّخَذَهَا سَيْفًا أَوْ دِرْعًا كَانَ رُجُوعًا، وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ رُجُوعًا حَتَّى لَوْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ لَا يَكُونُ وَصِيَّةً، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: الَّذِي أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ: الثُّلُثُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ قَدْ أَوْصَيْتُ بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ، أَوْ قَالَ: فَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ لَا يَكُونُ رُجُوعًا بِنِصْفِهِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: الثُّلُثُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَيْتُ بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ كَانَ لِلْآخَرِ ثُلُثٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ قَالَ: مَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ فَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ يَصِيرُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ رُجُوعًا عَنْ نِصْفِهِ، وَلَوْ أَوْصَى لِلْإِنْسَانِ بِجَارِيَةٍ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ فَطَحَنَهَا أَوْ أَوْصَى بِدَقِيقٍ فَخَبَزَهُ يَكُونُ رُجُوعًا.
وَلَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ: أَوْصَيْتَ بِعَبْدِك فُلَانٍ لِفُلَانٍ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ أَوْصَيْت لَهُ بِأَمَتِي فُلَانَةَ؛ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّة بِالْعَبْدِ
وَلَوْ أَوْصَى بِدَارٍ فَجَصَّصَهَا أَوْ هَدَمَهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَإِنْ طَيَّنَهَا يَكُونُ رُجُوعًا إذَا كَانَ كَثِيرًا.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَرْضٍ، ثُمَّ زَرَعَ فِيهَا رَطْبَةً لَا يَكُونُ رُجُوعًا وَإِنْ غَرَسَ الْكَرْمَ أَوْ الشَّجَرَةَ كَانَ رُجُوعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ أَوْصَى بِمَا فِي نَخِيلِهِ مِنْ