الْوَصِيَّةُ لِحَرْبِيٍّ غَيْرِ مُسْتَأْمَنٍ مِنْ ذِمِّيٍّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِحَرْبِيٍّ وَالْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ الْمُوصَى لَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَأَرَادَ أَخْذَ وَصِيَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُوصِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُوصَى لَهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُوصِي فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيْضًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَوْصَى لِلْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ هَكَذَا ذَكَرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ الْمُسْلِمِ لِلْمُرْتَدِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ أَوْصَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ لَمْ تَجُزْ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يُبَرِّئَهُ الْغُرَمَاءُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى الْمَجْنُونُ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصِيَّةُ الْمُكَاتَبِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَقِسْمٌ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ مَا إذَا أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَى مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِأَنْ قَالَ: إذَا عَتَقَتْ فَثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ لِفُلَانٍ، حَتَّى لَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْمَوْتِ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَالِهِ، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ عَتَقَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا وَكَذَا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ أَوْ مَحْجُورًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ أَوْ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ أَدْرَكْت فَثُلُثِي لِفُلَانٍ وَصِيَّةً لَا تَصِحُّ؛ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فَلَا يُمْكِنُ تَنْجِيزًا وَلَا تَعْلِيقًا.
وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ إذَا أَضَافَاهَا إلَى مَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا تَصِحُّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْهَازِلِ وَالْمُكْرَهِ وَالْخَاطِئِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَصِيَّةُ الْحُرِّ الْعَاقِلِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً جَائِزَةٌ وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ قِيَاسًا وَتَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَوَصِيَّةُ ابْنِ السَّبِيلِ الَّذِي هُوَ غَائِبٌ عَنْ مَالِهِ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَوْصَى الصَّبِيُّ أَوْ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ أُعْتِقَ وَأَجَازَ تَصِحُّ بِطَرِيقِ الِابْتِدَاءِ.
وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ وَبِالْحَمْلِ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ أَوْصَى بِأَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ ثُمَّ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِشَهْرٍ وَلَدًا مَيِّتًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ مِنْ الثُّلُثِ وَتَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا حَيٌّ وَالْآخَرُ مَيِّتٌ فَالْوَصِيَّةُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا حَيَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُمَا نِصْفَانِ وَحِصَّةُ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ، كَمَا فِي الْمِيرَاثِ.
وَإِذَا أَوْصَى فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِ فُلَانَةَ جَارِيَةٌ فَلَهَا وَصِيَّةٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ فَلَهُ وَصِيَّةٌ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا وَوَلَدَتْ غُلَامًا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ؛ فَالْوَصِيَّةُ بِهِمَا جَمِيعًا مِنْ الثُّلُثِ. فَرَقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ: إنْ كَانَ الَّذِي فِي بَطْنِك غُلَامًا فَلَهُ أَلْفَانِ وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَلَهَا أَلْفٌ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ - لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ. ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَتَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَرَثَةُ يُعْطُونَ أَيَّ الْغُلَامَيْنِ وَأَيَّةَ الْجَارِيَتَيْنِ شَاءُوا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَصِحُّ لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ الرُّجُوعُ قَدْ يَثْبُتُ صَرِيحًا وَقَدْ يَثْبُتُ دَلَالَةً فَالْأَوَّلُ بِأَنْ يَقُولَ: رَجَعْت أَوْ نَحْوَهُ وَالثَّانِي بِأَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ، ثُمَّ كُلُّ فِعْلٍ لَوْ فَعَلَهُ الْإِنْسَانُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ فَإِذَا فَعَلَهُ الْمُوصِي كَانَ رُجُوعًا، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْمُوصَى بِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِهَا فَهُوَ رُجُوعٌ إذَا فَعَلَهُ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ أَوْجَبَ زَوَالَ مِلْكِ الْمُوصِي فَهُوَ رُجُوعٌ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إذَا أَوْصَى بِثَوْبٍ ثُمَّ