مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ غَابَ أَصْحَابُهُ وَاحْتَاجَ الْحَاضِرُ إلَى نَصِيبِهِ فَيَرْفَعُ قَدْرَ نَصِيبِهِ وَكَذَا رَغِيفُهُ إذَا اخْتَلَطَ بِأَرْغِفَةِ صَاحِبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَحَرَّى وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَتَحَرَّى فِي الْأَوَانِي وَالْأَرْغِفَةِ وَلَكِنْ يَتَرَبَّصُ حَتَّى يَجِيءَ أَصْحَابُهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ فَجَازَ التَّحَرِّي فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مَسَالِيخُ بَعْضُهَا ذَبِيحَةٌ وَبَعْضُهَا مَيِّتَةٌ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بِالْعَلَامَةِ يُمَيِّزُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَيُبَاحُ التَّنَاوُلُ وَإِنْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ بِالْعَلَامَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ يَعْنِي بِهِ أَنْ لَا يَجِدَ ذَكِيَّةً بِيَقِينٍ وَاضْطُرَّ إلَى الْأَكْلِ يَتَنَاوَلُ بِالتَّحَرِّي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْحَرَامِ أَوْ كَانَا سَوَاءً لَمْ يَجُزْ التَّنَاوُلُ بِالتَّحَرِّي وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْحَلَالِ يَجُوزُ التَّنَاوُلُ بِالتَّحَرِّي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمِنْ الْعَلَامَةِ أَنَّ الْمَيْتَةَ إذَا أُلْقِيَتْ فِي الْمَاءِ يَطْفُو الْمَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّمِ فِيهَا، وَالذَّكِيَّةُ يَرْسُبُ وَقَدْ يَعْرِفُ النَّاسُ ذَلِكَ بِكَثْرَةِ النَّسِيسِ وَبِسُرْعَةِ الْفَسَادِ إلَيْهَا وَلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ يَنْعَدِمُ إذَا كَانَ الْحَرَامُ ذَبِيحَةَ الْمَجُوسِيِّ أَوْ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ كَانَ السَّمْنُ أَوْ الزَّيْتُ غَالِبًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَيَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا سِوَى الْأَكْلِ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَمَّا كَانَتْ لِلْحَلَالِ صَارَ الْمَغْلُوبُ فِيهَا هَالِكًا فَاعْتَبَرْنَا كَوْنَ الْحَرَامِ الْمَغْلُوبِ كَالْهَالِكِ فِي حَقِّ الِانْتِفَاعِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ إذْ النَّجَاسَةُ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ فِيمَا سِوَى الْأَكْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْأَرْوَاثِ بِإِلْقَائِهَا فِي الْأَرَاضِي وَبِالتُّرَابِ النَّجِسِ وَاعْتَبَرْنَا قِيَامَ الْحَرَامِ حَقِيقَةً فِي حَقِّ حُرْمَةِ الْأَكْلِ احْتِيَاطًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُ جَوَارٍ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ ثُمَّ نَسِيَهَا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَحَرَّى لِلْوَطْءِ وَكَمَا لَا يَتَحَرَّى لِلْوَطْءِ هَاهُنَا لَا يَتَحَرَّى لِلْبَيْعِ وَلَا يُخَلِّي الْحَاكِمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْمُعْتَقَةُ فَإِنْ بَاعَ ثَلَاثًا مِنْ الْجَوَارِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِجَوَازِ بَيْعِهِنَّ وَجَعَلَ الْبَاقِيَةَ هِيَ الْمُعْتَقَةَ ثُمَّ رُجِعَ إلَيْهِ مِمَّا بَاعَ شَيْءٌ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٌ أَوْ مِيرَاثٌ لَمْ يَسَعْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَلَا بَأْسَ بِوَطْئِهَا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَالنِّكَاحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ بِالْمِلْكِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَوْمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ جَارِيَةٌ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ جَارِيَتَهُ ثُمَّ لَمْ يَعْرِفُوا الْمُعْتَقَةَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا مُعْتَقَتُهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِ أَحَدِهِمْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا وَإِنْ قَرِبَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَرَامًا حَتَّى يَتَيَقَّنَ وَلَوْ اشْتَرَاهُنَّ جَمِيعًا رَجُلٌ وَاحِدٌ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْرَبَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْرِفَ الْمُعْتَقَةَ وَلَوْ اشْتَرَاهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهُنَّ فَإِنْ وَطِئَهُنَّ ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِيَةَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْءُ شَيْءٍ مِنْهُنَّ وَلَا بَيْعُهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُعْتَقَةَ مِنْهُنَّ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ أَصْحَابِ الْجَوَارِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَهُ عَشْرُ خَوَابٍ مِنْ خَلٍّ وَجَدَ فِي إحْدَاهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً وَأَخْرَجَهَا ثُمَّ نَسِيَ تِلْكَ الْخَابِيَةَ فَإِنَّهُ يُرْسِلُ فِيهَا الْهِرَّةَ فَعَلَى أَيَّتِهَا جَلَسَتْ فَهِيَ النَّجِسَةُ وَالْبَوَاقِي طَاهِرَةٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)
(وَفِيهِ بَابَانِ) الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْمَوَاتِ وَبَيَانِ مَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَوَاتِ وَفِي بَيَانِ مَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الْمَوَاتِ وَمَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ فِيهِ دُونَ الْمِلْكِ وَبَيَانِ حُكْمِهِ أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَالْأَرْضُ الْمَوَاتُ هِيَ أَرْضٌ خَارِجُ الْبَلَدِ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا حَقًّا لَهُ خَاصًّا فَلَا يَكُونُ دَاخِلَ الْبَلَدِ