أَقَاوِيلَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ قَلَائِلَ لَا تَبْلُغُ عَشْرَ مَسَائِلَ فَإِنَّهُ خَالَفَ فِيهَا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَكِنْ إنَّمَا يَحِلُّ النَّظَرُ بِشَرْطِ الْوُقُوفِ عَلَى مَا أَخْطَأَ فِيهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمِنْ الْعُلُومِ الْمَذْمُومَةِ عُلُومُ الْفَلَاسِفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّجِرًا فِي الْعِلْمِ وَسَائِرِ الْحِجَجِ عَلَيْهِمْ وَحَلِّ شُبُهَاتِهِمْ وَالْخُرُوجِ عَنْ إشْكَالَاتِهِمْ.
(الْعُلُومُ ثَلَاثَةٌ) عِلْمٌ نَافِعٌ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَهُوَ عِلْمُ مَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَخَلْقِ الْأَشْيَاءِ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَبَعْدَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَمَا بُعِثَ الْأَنْبِيَاءُ بِهِ وَعِلْمٌ يَجِبُ الِاجْتِنَابُ عَنْهُ وَهُوَ السِّحْرُ وَعِلْمُ الْحِكْمَةِ وَالطَّلْسَمَاتُ وَعِلْمُ النُّجُومِ إلَّا عَلَى قَدْرَ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالتَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَالْهِدَايَةِ فِي الطَّرِيقِ. وَعِلْمٌ آخَرُ لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ يُرْفَعُ إلَى الْآخِرَةِ وَهُوَ عِلْمُ الْجَدَلِ وَالْمُنَاظَرَاتِ فَيَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِهِ تَضْيِيعَ الْعُمْرِ فِي شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُونَ بِهِ لِقَهْرِ الْخُصُومِ لَا لِإِظْهَارِ الْحَقِّ وَالْوُقُوفِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسَائِلِ وَإِخْرَاجِ التَّنَاقُضِ مِنْ بَيْنِ الْأَحْكَامِ فَإِنْ اشْتَغَلُوا بِغَيْرِهِ مِمَّا نَفْعُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَا تَضْيِيعَ لِلْعُمْرِ فِيهِ كَانَ أَوْلَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَإِذَا تَعَلَّمَ رَجُلَانِ عِلْمًا كَعِلْمِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَحَدُهُمَا يَتَعَلَّمُ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ وَالْآخَرُ يَتَعَلَّمُ لِيَعْمَلَ بِهِ فَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
التَّمْوِيهُ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْحِيلَةِ فِيهَا هَلْ يَحِلُّ إنْ كَانَ يُكَلِّمُهُ مُتَعَلِّمًا مُسْتَرْشِدًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَرْشِدٍ عَلَى الْإِنْصَافِ بِلَا تَعَنُّتٍ لَا يَحِلُّ وَإِنْ كَانَ يُكَلِّمُهُ مَنْ يُرِيدُ التَّعَنُّتَ وَيُرِيدُ أَنْ يَطْرَحَهُ يَحِلُّ أَنْ يَحْتَالَ كُلَّ حِيلَةٍ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ دَفْعَ التَّعَنُّتِ مَشْرُوعٌ بِأَيِّ طَرِيقٍ يُمْكِنُ الدَّفْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .
فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ تَعْلِيمُ الْعَاصِي لِيَجْتَنِبَ جَائِزٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لِلْعَرَبِيَّةِ فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ الْأَلْسُنِ وَهُوَ لِسَانُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمَنْ تَعَلَّمَهَا أَوْ عَلَّمَ غَيْرَهُ فَهُوَ مَأْجُورٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ لَا يَأْخُذَ الْعِلْمَ إلَّا مِنْ أَمِينٍ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ
طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ إذَا صَحَّتْ النِّيَّةُ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَكَذَا الِاشْتِغَالُ بِزِيَادَةِ الْعِلْمِ إذَا صَحَّتْ النِّيَّةُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ نَفْعًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ النُّقْصَانُ فِي فَرَائِضِهِ وَصِحَّةُ النِّيَّةِ أَنْ يَقْصِدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْآخِرَةَ لَا طَلَبَ الدُّنْيَا وَالْجَاهَ وَلَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الْجَهْلِ وَمَنْفَعَةِ الْخَلْقِ وَإِحْيَاءِ الْعِلْمِ فَقِيلَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ أَيْضًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَصْحِيحِ النِّيَّةِ فَالتَّعَلُّمُ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا بِعِلْمِهِ إذَا اسْتَعَارَ مِنْهُ إنْسَانٌ كِتَابًا أَوْ اسْتَعَانَ بِهِ فِي تَفَهُّمِ مَسْأَلَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبْخَلَ بِهِ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِتَعَلُّمِهِ مَنْفَعَةَ الْخَلْقِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ مَنْفَعَتَهُ فِي الْحَالِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ مَنْ بَخِلَ بِعِلْمِهِ اُبْتُلِيَ بِأَحَدِ ثَلَاثٍ إمَّا أَنْ يَمُوتَ فَيَذْهَبَ عِلْمُهُ أَوْ يُبْتَلَى بِسُلْطَانٍ أَوْ يَنْسَى عِلْمَهُ الَّذِي حَفِظَهُ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يُوَقِّرَ الْعِلْمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَ الْكِتَابَ عَلَى التُّرَابِ وَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ فَأَرَادَ أَنْ يَمَسَّ الْكِتَابَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذَ الْكِتَابَ وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَرْضَى بِالدُّونِ مِنْ الْعَيْشِ وَيَنْزَوِيَ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتْرُكَ حِفْظَ نَفْسِهِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يُقِلَّ مُعَاشَرَةَ النَّاسِ وَمُخَالَطَتَهُمْ وَلَا يَشْتَغِلَ بِمَا لَا يَعْنِيهِ وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَدْرُسَ عَلَى الدَّوَامِ وَيَتَذَاكَرَ الْمَسَائِلَ مَعَ أَصْحَابِهِ أَوْ وَحْدَهُ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ إذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إنْسَانٍ مُنَازَعَةٌ أَوْ خُصُومَةٌ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الرِّفْقَ وَالْإِنْصَافَ لِيَكُونَ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَاهِلِ.
وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُرَاعِيَ حُقُوقَ أُسْتَاذِهِ وَآدَابِهِ لَا يَضَنُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا يُقْتَدَى بِهِ فِي سَهْوِهِ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَيُقَدِّمُ حَقَّ مُعَلَّمِهِ عَلَى حَقِّ أَبَوَيْهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلَوْ قَالَ لِأُسْتَاذِهِ مَوْلَانَا لَا بَأْسَ بِهِ وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِابْنِهِ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُمْ بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَاك عَنَى أُسْتَاذَه. وَكَذَا لَا بَأْسَ بِهِ إذَا قَالَ لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَيَتَوَاضَعُ لِمَنْ عَلَّمَهُ خَيْرًا وَلَوْ حَرْفًا