بِهِ وَيَدْبُغَ بِهِ الْجِلْدَ إذَا كَانَ الدُّهْنُ غَالِبًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِذَا قُرِئَ صَكٌّ عَلَى صَبِيٍّ وَهُوَ لَا يَفْهَمُ ثُمَّ كَبِرَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَالِغَ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ صَكٌّ وَهُوَ لَا يَفْهَمُ مَا فِيهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهِ.
قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرِهَ بَعْضُ النَّاسِ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَأَجَازَهُ بَعْضُ النَّاسِ قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السَّمَرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِي مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ النَّوْمِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ السَّمَرُ فِي أَسَاطِيرِ الْأَوَّلِينَ وَالْأَحَادِيثِ الْكَاذِبَةِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالضَّحِكِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَالثَّالِثُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا لِلْمُؤَانَسَةِ وَيَجْتَنِبُوا الْكَذِبَ وَقَوْلَ الْبَاطِلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْكَفُّ عَنْهُ أَفْضَلُ وَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رُجُوعُهُمْ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّسْبِيحِ وَالِاسْتِغْفَارِ حَتَّى يَكُونَ خَتْمُهُ بِالْخَيْرِ.
السُّؤَالُ عَنْ الْأَخْبَارِ الْمُحْدَثَةِ فِي الْبَلْدَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِخْبَارِ وَالْإِخْبَارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَا بَأْسَ لِلْعَالِمِ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ عَالِمٌ لِيَظْهَرَ عِلْمُهُ فَيَسْتَفِيدَ مِنْهُ النَّاسُ وَلْيَكُنْ ذَلِكَ تَحْدِيثًا بِنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ إنَّ الْعِلْمَ عَلَى الْأَنْوَاعِ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَذَلِكَ لَيْسَ كَالْفِقْهِ وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ تَعَلُّمُ الْفِقْهِ أَهَمَّ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِذَا أَخَذَ الْإِنْسَانُ حَظًّا وَافِرًا فِي الْفِقْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى الْفِقْهِ وَلَكِنْ يَنْظُرُ فِي عِلْمِ الزُّهْدِ وَفِي حِكَمِ الْحُكَمَاءِ وَشَمَائِلِ الصَّالِحِينَ.
طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ بِقَدْرِ الشَّرَائِعِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ وَلِأُمُورِ مَعَاشِهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَإِنْ تَعَلَّمَهَا فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ تَرَكَهَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَفِي النَّوَازِلِ وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ طَلَبُ الْأَحَادِيثِ حِرْفَةُ الْمَفَالِيسِ يَعْنِي بِهِ إذَا طَلَبَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَطْلُبْ فِقْهَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَتَعَلُّمُ عِلْمِ النُّجُومِ لِمَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ وَأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لَا بَأْسَ بِهِ وَالزِّيَادَةُ حَرَامٌ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
تَعَلُّمُ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ وَالْمُنَاظَرَةِ فِيهِ وَرَاءَ قَدْرِ الْحَاجَةِ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّ كَثْرَةَ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْمُجَادَلَةِ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إشَاعَةِ الْبِدَعِ وَالْفِتَنِ وَتَشْوِيشِ الْعَقَائِدِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ جِدًّا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَلَا يُنَاظِرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْكَلَامِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا عَلَى وَجْهِهَا وَكَانَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنَاظِرُ فِيهَا كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ نَظَرْت فِي الْكُتُبِ الَّتِي صَنَّفَهَا الْمُتَقَدِّمُونَ فِي عِلْمِ التَّوْحِيدِ فَوَجَدْت بَعْضَهَا لِلْفَلَاسِفَةِ مِثْلَ إِسْحَاقَ الْكِنْدِيِّ وَالِاسْتِقْرَارِيّ وَأَمْثَالِهِمَا وَذَلِكَ كُلُّهُ خَارِجٌ عَنْ الدِّينِ الْمُسْتَقِيمِ زَائِغٌ عَنْ الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ فَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ وَلَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا فَإِنَّهَا مَشْحُونَةٌ مِنْ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ قَالَ وَوَجَدْت أَيْضًا تَصَانِيفَ كَثِيرَةً فِي هَذَا الْفَنِّ لِلْمُعْتَزِلَةِ مِثْلَ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّازِيّ وَالْجُبَّائِيُّ وَالْكَعْبِيِّ وَالنَّظَّامِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يَجُوزُ إمْسَاكُ تِلْكَ الْكُتُبِ وَالنَّظَرُ فِيهَا كَيْ لَا تَحْدُثَ الشُّكُوكُ وَلَا يَتَمَكَّنُ الْوَهْنُ فِي الْعَقَائِدِ وَكَذَلِكَ الْمُجَسِّمَةُ صَنَّفُوا كُتُبًا فِي هَذَا الْفَنِّ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ هَيْصَمٍ وَأَمْثَالِهِ فَلَا يَحِلُّ النَّظَرُ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ وَلَا إمْسَاكُهَا فَإِنَّهُمْ شَرُّ أَهْلِ الْبِدَعِ وَقَدْ صَنَّفَ الْأَشْعَرِيُّ كُتُبًا كَثِيرَةً لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا تَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِالْهُدَى صَنَّفَ كِتَابًا نَاقِضًا لِمَا صَنَّفَ لِتَصْحِيحِ مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ خَطَّئُوهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَخْطَأَ فِيهَا أَبُو الْحَسَنِ فَمَنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسَائِلِ وَعَرَفَ خَطَأَهُ فَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ فِي كُتُبِهِ وَإِمْسَاكِهَا وَعَامَّةُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَيَطُولُ تَعْدَادُ مَا أَخْطَأَ أَبُو الْحَسَنِ وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِإِمْسَاكِ تَصَانِيفِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَقَاوِيلُهُ تُوَافِقُ