غَالِبًا، فَإِنْ خَلَطَتْ فَلَيْسَتْ بِجَلَّالَةٍ فَلَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْتِنُ، وَلَا يُكْرَهُ أَكْلُ الدَّجَاجِ الْمَخْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ يَتَنَاوَلُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ أَكْلُ النَّجَاسَةِ بَلْ يَخْلِطُهَا بِغَيْرِهَا وَهُوَ الْحَبُّ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْبَسَ الدَّجَاجُ حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
أَكْلُ الْخَطَّافِ وَالصُّلْصُلِ وَالْهُدْهُدِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الطُّيُورِ الَّتِي هِيَ ذَوَاتُ مِخْلَبٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْعَقْعَقِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، فَقُلْتُ: إنَّهُ يَأْكُلُ النَّجَاسَاتِ، فَقَالَ: إنَّهُ يَخْلِطُ النَّجَاسَةَ بِشَيْءٍ آخَرَ، ثُمَّ يَأْكُلُ فَكَانَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ مَا يَخْلِطُ كَالدَّجَاجِ لَا بَأْسَ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُكْرَهُ الْعَقْعَقُ كَمَا تُكْرَهُ الدَّجَاجَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَأَكْلُ دُودِ الزُّنْبُورِ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الْحَيَاةُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
عَنْ خَلَفٍ يُكْرَهُ أَكْلُ بُيُوتِ الزَّنَابِيرِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ فِي كِتَابِ الْكَرَاهَةِ.
وَالدُّبْسِيُّ يُؤْكَلُ، وَأَمَّا الْخُفَّاشُ فَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ، وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ لَهُ نَابًا وَقِيلَ الشِّقَرَّاقُ لَا يُؤْكَلُ، وَالْبُومَ يُؤْكَلُ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَأَيْتُ: هَذَا بِخَطِّ وَالِدِي وَالشَّقِرَّاقُ طَائِرٌ أَخْضَرُ يُخَالِطُهُ قَلِيلُ حُمْرَةٍ يَصُولُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَإِذَا أُخِذَ فَرْخَهُ تَقَيَّأَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الطَّاوُوسِ، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ يُكْرَهُ أَشُدَّ الْكَرَاهَةِ وَبِالْأَوَّلِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْحَمَّادِيَّةِ.
عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ كُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ وَمَا أَكَلَ الْجِيَفَ وَبِهِ نَأْخُذُ، فَإِنَّ مَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ كَالْغِدَافِ وَالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ مُسْتَخْبَثٌ طَبْعًا، فَأَمَّا الْغُرَابُ الزَّرْعِيُّ الَّذِي يَلْتَقِطُ الْحَبَّ مُبَاحٌ طَيِّبٌ، وَإِنْ كَانَ الْغُرَابُ بِحَيْثُ يَخْلِطُ فَيَأْكُلُ الْجِيَفَ تَارَةً وَالْحَبَّ أُخْرَى فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى قِيَاسِ الدَّجَاجَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَأَمَّا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ فَلَحْمُهُ حَرَامٌ، وَكَذَلِكَ لَبَنُهُ وَشَحْمُهُ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي شَحْمِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ الْأَكْلِ فَحَرَّمَهُ بَعْضُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الْأَكْلِ وَأَبَاحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَالْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ إذَا صَارَ أَهْلِيًّا وَوُضِعَ عَلَيْهِ الْإِكَافُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَالْأَهْلِيُّ إذَا تَوَحَّشَ لَا يُؤْكَلُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
يُكْرَهُ لَحْمُ الْخَيْلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِ الْكَرَاهَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا التَّحْرِيمَ وَلَبَنُهُ كَلَحْمِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحْوَطُ وَمَا قَالَا أَوْسَعُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَأَمَّا الْبَغْلُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَحْمُهُ مَكْرُوهٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعِنْدَهُمَا كَذَلِكَ إنْ كَانَ الْفَرَسُ نَزَا عَلَى الْأَتَانِ، وَإِنْ كَانَ الْحِمَارُ نَزَا عَلَى الرَّمَكَةِ فَقَدْ قِيلَ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الْجَدْيُ إذَا كَانَ يُرَبَّى بِلَبَنِ الْأَتَانِ، وَالْخِنْزِيرِ إنْ اعْتَلَفَ أَيَّامًا فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجَلَّالَةِ وَالْجَلَّالَةُ إذَا حُبِسَتْ أَيَّامًا فَعُلِفَتْ لَا بَأْسَ بِهَا فَكَذَا هَذَا، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) شَاةٌ وَلَدَتْ وَلَدًا بِصُورَةِ الْكَلْبِ فَأَشْكَلَ أَمْرُهُ، فَإِنْ صَاحَ مِثْلَ الْكَلْبِ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ صَاحَ مِثْلَ الشَّاةِ يُؤْكَلُ، وَإِنْ صَاحَ مِثْلَهُمَا يُوضَعُ الْمَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ إنْ شَرِبَ بِاللِّسَانِ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ كَلْبٌ، وَإِنْ شَرِبَ بِالْفَمِ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ شَاةٌ، وَإِنْ شَرِبَ بِهِمَا جَمِيعًا يُوضَعُ التِّبْنُ وَاللَّحْمُ قِبَلَهُ إنْ أَكَلَ التِّبْنَ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ شَاةٌ، وَإِنْ أَكَلَ اللَّحْمَ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ أَكَلَهُمَا جَمِيعًا يُذْبَحُ إنْ خَرَجَ الْأَمْعَاءُ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ خَرَجَ الْكِرْشُ يُؤْكَلُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَأَمَّا بَيَانُ مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ سَبْعَةٌ: الدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ وَالْقُبُلُ وَالْغُدَّةُ وَالْمَثَانَةُ وَالْمَرَارَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ ذَبَحَ الشَّاةَ فَاضْطَرَبَتْ فَوَقَعَتْ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّتْ مِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يَضُرَّهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الذَّكَاةِ قَدْ اسْتَقَرَّ فِيهَا فَإِنَّمَا انْزَهَقَ حَيَاتُهَا بِهِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِاضْطِرَابِهَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الذَّكَاةِ فَهَذَا لَحْمٌ وَقَعَ فِي مَاءٍ