إذَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ سَمَّى ثُمَّ انْفَلَتَتْ الشَّاةُ وَقَامَتْ مِنْ مَضْجَعِهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى مَضْجَعِهَا فَقَدْ انْقَطَعَتْ التَّسْمِيَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

رَجُلٌ نَظَرَ إلَى قَطِيعِ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَأَرْسَلَ كَلْبَهُ وَسَمَّى وَأَخَذَ حَلَّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَظَرَ إلَى غَنَمِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخَذَ وَاحِدَةً فَأَضْجَعَهَا وَذَبَحَهَا وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا وَظَنَّ أَنَّ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ تُجْزِئُهُ لَا تُؤْكَلُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ أَضْجَعَ إحْدَى الشَّاتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى تَكْفِي تَسْمِيَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا ذَبَحَهُمَا بِإِمْرَارٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ جَمَعَ الْعَصَافِيرَ فِي يَدِهِ فَذَبَحَ وَسَمَّى، وَذَبَحَ آخَرَ عَلَى أَثَرِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَمْ يَحِلَّ الثَّانِي، وَلَوْ أَمَرَّ السِّكِّينَ عَلَى الْكُلِّ جَازَ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَاب الثَّانِي فِي بَيَان مَا يُؤْكَلُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يُؤْكَلُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ) الْحَيَوَانُ فِي الْأَصْلِ نَوْعَانِ نَوْعٌ يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ وَنَوْعٌ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ، أَمَّا الَّذِي يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ فَجَمِيعُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ الْحَيَوَانِ يَحْرُمُ أَكْلُهُ إلَّا السَّمَكُ خَاصَّةً فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا مَا طَفَا مِنْهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَعِيشُ فِي الْبَرِّ فَأَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: مَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ أَصْلًا وَمَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ وَمَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ، فَمَا لَا دَمَ لَهُ مِثْلُ الْجَرَادِ وَالزُّنْبُورِ وَالذُّبَابِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالْعَقْرَبِ وَالْبَبْغَاءِ وَنَحْوِهَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا الْجَرَادُ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ مَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ مِثْلُ الْحَيَّةِ وَالْوَزَغِ وَسَامٍّ أَبْرَصَ وَجَمِيعِ الْحَشَرَاتِ وَهُوَ أُمُّ الْأَرْضِ مِنْ الْفَأْرِ وَالْجَرَادِ وَالْقَنَافِذِ وَالضَّبِّ وَالْيَرْبُوعِ وَابْنِ عِرْسٍ وَنَحْوِهَا وَلَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَّا فِي الضَّبِّ فَإِنَّهُ حَلَالٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَمَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ نَوْعَانِ: مُسْتَأْنَسٌ وَمُتَوَحِّشٌ، أَمَّا الْمُسْتَأْنَسُ مِنْ الْبَهَائِمِ فَنَحْوُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ يَحِلُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْمُتَوَحِّشُ نَحْوُ الظِّبَاءِ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَحُمُرِ الْوَحْشِ وَإِبِلِ الْوَحْشِ فَحَلَالٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْنَسُ مِنْ السِّبَاعِ وَهُوَ الْكَلْبُ وَالْفَهْدُ وَالسِّنَّوْرُ وَالْأَهْلِيُّ فَلَا يَحِلُّ، وَكَذَلِكَ الْمُتَوَحِّشُ فَمِنْهَا الْمُسَمَّى بِسِبَاعِ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ، وَهُوَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، فَذُو النَّابِ مِنْ سِبَاعِ الْوَحْشِ مِثْلُ الْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالضَّبُعِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالثَّعْلَبِ وَالسِّنَّوْرِ الْبَرِّيِّ وَالسِّنْجَابِ وَالسَّمُّورِ وَالدَّلَقِ وَالدُّبِّ وَالْقِرْدِ وَنَحْوِهَا فَلَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ إلَّا فِي الضَّبُعِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَذُو الْمِخْلَبِ مِنْ الطَّيْرِ كَالْبَازِي وَالْبَاشِقِ وَالصَّقْرِ وَالشَّاهِينَ وَالْحَدَأَةِ وَالْبُغَاثِ وَالنَّسْرِ وَالْعِقَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمَا لَا مِخْلَبَ لَهُ مِنْ الطَّيْرِ، وَالْمُسْتَأْنَسُ مِنْهُ كَالدَّجَاجِ وَالْبَطِّ، وَالْمُتَوَحِّشُ كَالْحَمَامِ وَالْفَاخِتَةِ وَالْعَصَافِيرِ وَالْقَبْجِ وَالْكُرْكِيِّ وَالْغُرَابِ الَّذِي يَأْكُلُ الْحَبَّ وَالزَّرْعَ وَنَحْوِهَا حَلَالٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا بَأْسَ بِالْقَمَرِيِّ وَالسُّودَانِيِّ وَالزُّرْزُورِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَيُكْرَهُ أَكْلُ لُحُومِ الْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ وَهِيَ الَّتِي الْأَغْلَبُ مِنْ أَكْلِهَا النَّجَاسَةُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَالِبُ أَكْلِهَا النَّجَاسَةَ يَتَغَيَّرُ لَحْمُهَا وَيُنْتِنُ فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ كَالطَّعَامِ الْمُنْتِنِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنْ الْعَمَلِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ تُحْبَسَ أَيَّامًا وَتُعْلَفَ فَحِينَئِذٍ تَحِلُّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَجْوَدُ، ثُمَّ لَيْسَ لِحَبْسِهَا تَقْدِيرٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُوَقِّتُ فِي حَبْسِهَا، وَقَالَ: تُحْبَسُ حَتَّى لَطَفَتْ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهَا تُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّاقَةِ الْجَلَّالَةِ وَالشَّاةِ الْجَلَّالَةِ وَالْبَقَرَةِ الْجَلَّالَةِ: إنَّمَا تَكُونُ جَلَّالَةً إذَا نَتُنَ وَتَغَيَّرَ لَحْمُهَا وَوُجِدَتْ مِنْهُ رِيحٌ مُنْتِنَةٌ فَهِيَ الْجَلَّالَةُ حِينَئِذٍ لَا يُشْرَبُ لَبَنُهَا وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا وَبَيْعُهَا وَهِبَتُهَا جَائِزٌ، هَذَا إذَا كَانَتْ لَا تَخْلِطُ وَلَا تَأْكُلُ إلَّا الْعُذْرَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015