غَرَسَهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ الدِّهْقَانِ فَهِيَ لِلْأَكَّارِ، وَالدِّهْقَانُ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الْعَامِلُ فِي الْكَرْمِ إذَا بَاعَ أَوْرَاقَ الْفِرْصَادِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْكَرْمِ يُنْظَرُ إنْ أَجَازَ صَاحِبُ الْكَرْمِ الْبَيْعَ حَالَ قِيَامِ الْأَوْرَاقِ فَالثَّمَنُ لَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الْأَوْرَاقَ، ثُمَّ أَجَازَ صَاحِبُ الْكَرْمِ الْبَيْعَ أَوْ لَمْ يُجِزْ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْعَامِلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
دَفَعَهَا مُعَامَلَةً وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَشْجَارُ شَيْئًا فَبَاعَ صَاحِبُهَا أَشْجَارَهُ نَفَذَ الْبَيْعُ وَفَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ؛ لِأَنَّهَا اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَإِذَا لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّهُ فَصَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ سَقَى الْأَشْجَارَ وَحَفِظَهَا لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ وَحَقُّهُ فِي الْخَارِجِ وَلَمْ يُوجَدْ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ نَخْلًا بِعَيْنِهِ فَأَخَذَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ عَلَى الشَّرْطِ وَصَاحِبُ النَّخْلِ هُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ نَصِيبِهِ، وَإِنْ أَخَذَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ قِلَّةِ نَصِيبِ الْعَامِلِ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ ذَلِكَ إلَّا إنْ شَاءَ، فَإِنْ عَمِلَهُ وَقَدْ عَلِمَ نَصِيبَهُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ لَهُ نَصِيبُهُ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا لَهُ وَوَكَّلَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا مُعَامَلَةً هَذِهِ السَّنَةَ فَدَفَعَهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَعَمِلَ الْعَامِلُ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ عَلَى الْوَكِيلِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ يَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى مَا شَرَطَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
دَفَعَ أَشْجَارًا إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا وَيَشُدَّ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّدِّ وَيُشَذِّبَ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّشْذِيبِ، فَأَخَّرَ الْأَكَّارُ شَدَّ الْأَشْجَارِ حَتَّى أَصَابَهَا الْبَرَدُ وَهِيَ أَشْجَارٌ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَفْسَدَهَا الْبَرَدُ، فَالْأَكَّارُ ضَامِنٌ قِيمَةَ مَا أَصَابَهُ الْبَرَدُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ بِالْمُعَامَلَةِ فِي النَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ، فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ فَهُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ نَصِيبِ الْعَامِلِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ رَبِّ النَّخِيلِ فَعَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ نَصِيبِ رَبِّ النَّخِيلِ، وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ يَمْلِكُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ كَانَ الْعَامِلُ غَرَسَهَا نَخْلًا وَكَرْمًا وَشَجَرًا وَقَدْ كَانَ أَذِنَ لَهُ الدَّافِعُ فِي ذَلِكَ فَلَمَّا بَلَغَ وَأَثْمَرَ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ أَرْضَهُ وَيَقْلَعُ مِنْ النَّخِيلِ وَالْكَرْمِ وَالشَّجَرِ مَا فِيهَا وَيَضْمَنَانِ لِلْمُسْتَحِقِّ نُقْصَانَ الْقَلْعِ إذَا قَلَعَا ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ، وَيَضْمَنُ الْغَارِسُ لَهُ أَيْضًا نُقْصَانَ الْغَرْسِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرُ، وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْقَلْعِ وَالْغَرْسِ عَلَى الدَّافِعِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الدَّافِعَ جَمِيعَ ذَلِكَ النُّقْصَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْغَاصِبُ ضَامِنٌ كَالْمُتْلِفِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ضَمَانُ ذَلِكَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُتْلِفِ دُونَ الْغَاصِبِ، ثُمَّ الْغَارِسُ يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ لِأَجْلِ الْغُرُورِ الَّذِي تَمَكَّنَ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ، وَلَمْ يَقُلْ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَدَفَعَ الْعَامِلُ إلَى آخَرَ مُعَامَلَةً فَعَمِلَ فِيهِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ الْآخَرِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، (قَالَ) : وَقَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ وَهُوَ فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ خَالَفَ فِيهِ أَمْرَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَالضَّمَانُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ عَلَى الْعَامِلِ الْآخَرِ دُونَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَمْرَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَلِصَاحِبِ النَّخِيلِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْآخَرِ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، هَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ، فَأَمَّا إذَا قَالَ وَشَرَطَ لَهُ النِّصْفَ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ فَهَذَا جَائِزٌ، وَمَا خَرَجَ مِنْ الثَّمَرِ فَنِصْفُهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَالسُّدُسُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَشَرَطَ لَهُ شَيْئًا مَعْلُومًا وَشَرَطَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي مِثْلَ ذَلِكَ فَهُمَا فَاسِدَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.